عبد الصمد بلكبير
خلال تصريحه في ندوته الصحفية بتاريخ 28 شتنبر الماضي، تقدم عبد الاله بنكيران، و لأول مرة حسب علمي، بتفسير لتوقف تظاهرات حركة(20 فبراير)، بتعيينه رئيسا للحكومة،وهذا في تقديري،وحسب سياق الاحداث غير صحيح بتاتا،اذ لو تم الامر كذلك لترتبت عنه منطقيا، نتائج، أهمها:
1- أن المعنيين بتوقيف التظاهرات،واهمهم طبعا (الاحسانيون) ينطلقون وعيا،ويستهدفون سياسيا،اهدافا ذات طبيعة وطنية لا عولمية، كما هو حال ممارسة (لاوعي) العدليين ، والحال ان ما يجمعهم مع (اليسار) المتحالف معهم في الحركة، وحتى يومه، هو العدمية الوطنية، والرهان على استراتيجية العولمة الاطلسية، ومخططاتها في تدبير (الفوضى العارمة) وليس الثورة بالاحرى ؟!
2- والأهم سياسيا، ان يترجموا ويطوروا سلوكهم بالتوقف لاحقا، بالمساندة الناقدة للحكومة (الاسلامية) المنبثقة عن الصناديق ،لا عن توافق اضطراري وانتقالي، كما حصل سابقا، والحال انهم معا وجميعا استمروا سياسيا متشبثين بذات مواقفهم السابقة، بل تشددوا في لهجتهم الجذرية المعارضة،
لا علاقة لتوقف تظاهرات (20فبراير) قرارا وتوقيتا، بالتكليف الحكومي، ولا حتى، للاسف،بالداخل الوطني، بل اساسا بالجهة الخارجية التي اطلقتها اصلا باسم (الربيع العربي) وقادتها سياسيا من خلف واعلاميا عن طريق الخنزيرة اياها،
1- لم تكن اهداف (السيئة) في الامصار العربية ،متطابقة ،عند اطلاقها ودعمها للفتنة، ولذلك فلقد كانت مخرجاتها ومازالت، مختلفة، في جزائر 10 سنوات الفتنة ،كان هدفها اقتسام (البترول/بيع السلاح/واللغة) معه من غير فرنسا(وروسيا بالنسبة للسلاح) ولقد نجحت .
2- في(اكديم ايزيك)كان الهدف المباشر،تمكين المينرسو، عمليا، من ادارة الصحراء، باسم حماية (حقوق الانسان ) المعتدى عليها ،زعما، من قبل الادارة المغربية،وذلك طبعا تمهيدا لفصلها واغتصابها امريكيا، وهذا كان اول(الربيع) وليس تونس،ولكنه انتهى الى فشل بدون ضجيج اعلامي (باستثناء شومسكي المتباكي حتى اليوم على فشل الانتفاضة اياها) ولا شك ان بعض اصدقاء المغرب من خصوم السيئة،ساعدونا في ذلك الانتصار االتاريخي على اخر محاولات الامبريالية في اصطناع دويلة عميلة لهم في الصحراء وعموم منطقة شمال وغرب افريقيا
ثم انطلقت تظاهرات 20 فبراير،من اكادير اولا واخفقت ،ثم الدار البيضاء، ولم تتوسع نحو القوة الاجتماعية الضاربة في المغرب الراهن (100مدينة كوكبية تحتوي اكثر من 10ملايين مواطن )ولم تلتحق بها بقية الاحزاب والنقابات العمالية التقليدية،والاهم لم تلتحق بها الطبقة العاملة ،ولا الفلاحون المعدمون والفقراء، فكيف يصح اعتبارها،اصلا وفرعا (حركة ثورية) ؟!
وخلافا للأهداف الاستعمارية الامريكية في بقية الاقطار العربية، والمتمثلة في:
انتزاع تونس من هيمنة فرنسا
ومصر من سيادة الجيش المطلقة، كما كان الامر في تركيا، قبل ان ينجحوا في انقلابهم المدني(الانتخابات) عليهم بتحالف مع الجناح الامريكي في اسلاميي تركيا
في ليبيا، انتقام من نظام واجههم عالميا طيلة اكثرمن 40 عاما، وحرمان الراسمالية الايطالية من السوق الليبية وتخريبها وافلاسها،وتقديمها للعالم (عبرة) لمصير من يقاوم الامبريالية من الشعوب والدول،ونظير ما صنعوا في الصومال،ويوغسلافيا، واليوم في لبنان عن طريق افلاسها، في سوريا، كما في العراق سابقا، المطلوب تفكيك ادارات الدولة (الجيش والامن خاصة) والمجتمع (حزب البعث /والشيوعي/والقومي الاجتماعي). واجتثات فصائل المقاومة الفلسطينية،وترسيخ اغتصاب الجولان واقامة دويلة كردية عميلة مشاغبة لدول المنطقة جميعا ( تركيا،العراق،ايران ) وبالتالي ضمان عمر وتوسع وسيطرة، على (الشرق الاوسط الجديد) من قبل أذاتها في التحكم في ثروات ودول وشعوب المنطقة جميعا، بما في ذلك طبعا ايران ثم جيرانها،ثم روسيا ومن تم حصار الاشتراكية ( الصين) وتحجيمها.
جميع ذلك فشل الان بفضل تحالفات نضالية وتضحيات شعبية مشهودة ومعروفة ومعترف بها من قبل مقترفيها انفسهم (حمد/العجفاء كلينتون/ ثم ترامب )
اما المغرب فلم يكن هدفهم منه اصلا سوى (تحريك السواكن) الفرنسية خاصة(فضلا عن اسبانيا والمانيا) ، واقتسام اسواقه مع فرنسا وحزبها الفرنكوفوني في الادارة والمجتمع ( الفوسفاط،الابناك والتأمين واللغة ) تماما كما كان الامر في(محاولات)الانقلابات السابقة، حيث كانت اهدافها منا كذلك، وليس قلب نظام الحكم، بما في ذلك مسرحية (الطائرة) الهزلية، حيث كانت قذائفها مفرغة، وفي الحالتين ،فلقد تمكنت امريكا من التخلص من اهم الضباط الوطنيين، والفرنكوفونيين بل والملكيين ايضا .
لم يأت خطاب 9 مارس التاريخي، الا وقد تمت مفاوضات ثلاثية (مغربية امريكية فرنسية) عالية المستوى، في باريس، ترتب عنها تصريح من قبل مساعد وزيرة الخارجية الامريكية، اثر زيارة مستعجلة، للمغرب وأمام ابواب القصر الملكي، بان المغرب شرع في طريق الاصلاح ؟!
مباشرة، توقفت الجزيرة عن تحريضها، بل وعن متابعاتها المضخمة للتظاهرات في المغرب، واستنتج الاخوان في الاحسان ما يجب استنتاجه، وربما لديهم سبل اخرى ل(الاستنتاج) فتوقفوا فجأة عن المشاركة في التظاهرات وبدا البحث عن التبريرات، ووجد (الرفاق) انفسهم في الشوارع على حقيقتهم التنظيمية المتواضعة وانتهى (الموسم) بالعودة الى منازلهم سالمين، غير غانمين وبقيت لهم هنا وهنالك (في الخارج) اصوات عولمية مبحوحة لا افق لها سوى خدمة استراتيجية نقيضة موضوعيا لنواياهم المعلنة في محاربة الفساد والاستبداد، ولم ينتبهوا بعد الى انهما معا ، فرع عن الاستعمار، وانهم بذلك (كالمستجير من الرمضاء ،بالنار)
لم يكن ذلك نقاشا سياسيا، بل تدقيق و توثيق مجمل، للوقائع والاحداث حينها، أما مسألة الدستور والحكومة اللاحقة عليه ومنجزاتها في ذلك السياق، فأمور اخرى، ليس المجال هنا لمناقشتها والتاريخ لها انه ( لا حركة ثورية حقا، دون نظرية ثورية حقا ) وهذه غير ممكنة اليوم الا ان تكون وطنية – وحدوية قوميا، وضد الامبريالية والرجعية والصهيونية، ومن تم فهي ايضا ديمقراطية جديدة ضد الاستبداد والفساد والاحتكار .