إدريس الأندلسي
برنامج بيانيسمو الذي اشتغل على محتواه وتقديمه الفنان نعمان لحلو أشعل نار الغيرة في نكرات جاهلات بتاريخ فن و عراقة ثقافة وكتابة في علم الموسيقى .
القردة تحب الهجوم على الأشجار المثمرة. والجهال يكرهون المرايا لأنها تكشف عرواتهم و عمق جهلهم.
تمنيت كثيرا أن يتفوق شباب باحثون في علم الموسيقى على الجيل الذي سبقهم. نعم، معركة التفوق ممكنة بالعمل الجاد والتمكن من آليات صناعة الجملة الموسيقية. أما أن تحتل السفاهة و الحقد مكانا أمام ميكرفون و كاميرا لقول أي شيء من طرف نكرات، فهذا عنوان لزمن التفاهة. استغل أحدهم ممن لا صوت له إلا مساحات ارتخاء حبال مترهلة متشبثة بجمل بكائية، لكي يعبر عن حقد دفين إتجاه فنان باحث و محاضر و ملحن له إسم محترم في بلاد كثيرة. وأقصد ما قاله صبي يغني و لم يتميز بعد. يحمل إسما يحمل كثيرا من حتمية عدم الإشعاع أتذكر كلمة وجهها له الأستاذ الحاج يونس في برنامج لاكتشاف الأصوات على القناة الثانية: ” يظهر أنك متعود على الغناء… وتبين من بعد أن التعود على الأداء لا يعكس تملك أدوات الإبداع و لا ثقافة القراءة الموسيقية. لكل هذا يظل المبدعون المغاربة و حاضرون بفنهم منذ عقود من خلال استمرارية إشعاع فنههم. لذلك لا حاجة لذكر أسماءهم التي لن تنسى أبدأ. هذا عكس أصحاب أغنيات طبخت بسرعة و دخلت عالم النسيان بسرعة فائقة و هناك جيل من الشابات والشباب الذين اختاروا الطريق الصعبة وسجلوا اسمهم بالفن لا بالتفاهة التي تؤدي حتما إلى الانزلاقات
هذا زمن التطاول على الأستاذ والمربي و الباحث والمؤرخ والشاعر والمبدع من طرف النكرات. يخرجون ليلا لكي يدخلوا إلى امكنة تحت الأرض ، يرددون أغنيات غيرهم و يستعينون بكل المواد التجميلية و أخرى غيرها تأثيرا. وحين يصلون إلى استديو يحلو لهم الكلام الخارج عن المقام. لا تتكلموا عن المبدعين أيها التافهون والجاهلون بالمقامات الموسيقية و الأوزان الشعرية و الإبداعات الفنية. كفاكم اهتماما بالمكياج والتشبه بالمؤنث في مظهره لا في ما بلغه من درجات الثقافة و العلم و الرقي. لا تهتموا يا أساتذة، يا مبدعين بما تفوح به مخلوقات في أنفاق وسراديب لا تدب فيها غير الصراصير و أمثالها الفن ” لحن القلوب يلعب بأوتارها و الفن دنيا جميلة وانتو انوارها…” هكذا غنى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذي أعجب بأداء المبدع نعمان لحلو الذي ظل وفيا لبلاده و لم يكن أبدأ عبدا للنزوات
الفن ثقافة معيار وجودها تجدر في تربة الوطن. ” بلادي يا زين البلدان…” تستعصي على التافهين و تروق لأبناء الوطن لأنها خلقت من نبع خيال شاعر صحافي و دبلوماسي و تم تلحينها في لحظات هيام بهذا الوطن الذي لا ينتبه لغير المبدعين في حبه الكل حر في أن يغني كما شاء و أراد و لكن الإبداع يظل ذلك السد المنبع الذي يحمي الأصيل و يرمي بالمبتذل في مستنقع النسيان الحتمي . الحبال الصوتية تترهل بكثرة الولوج إلى سوق التفاهة و هذا مصير حتمي. أما كرم المبدع فيتجاوز كرم حاتم الطائي رغم ما مر من عقود على نحر ناقة وجمل و البقاء للأصلح مهما طال الزمن .