شروط محاكمة وإدانة معتقل الرأي سليمان الريسوني تعكس صورة مخجلة للعدالة بالمغرب
تابع الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان عن كثب، ومعه الرأي العام المغربي والدولي، بكثير من الاستنكار، مجريات المحاكمة التي استهدفت معتقل الرأي الصحافي سليمان الريسوني، الحكم الجائر الصادر في حقة بخمس سنوات سجنا نافذا.
لقد جرت أطوار المحاكمة في شروط شبه استثنائية، نظرا لما شابها من اختلالات، انهارت أمامها ضمانات المحاكمة العادلة المقررة في القانون الدولي، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ذات الصلة بقواعد العدالة والانصاف وسيادة القانون، فانقلبت المحاكمة وصارت مهزلة، نزعت الثقة عن قضاتها وأسقطت القناع عن حقيقة ما يعرف بالإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة بالمغرب الذي تدعي الحكومة أنها أنجزته.
لقد مورست، وكما هو ثابت، خروقات عميقة لحقوق الصحفي سليمان الريسوني خلال جميع مراحل المسطرة، بداية من حملة التشهير ضده التي تم “التنبؤ” خلالها بقرب اعتقاله، والتي شنت من قبل بعض المنابر المقربة من السلطة، إلى عملية كشف أسرار التوقيف والبحث والتحقيق، في انتهاك سافر لسرية التحقيق، الشيء الذي جرد السيد الريسوني من حقه في قرينة البراءة، ومن حقه في التمتع بالحرية إلى حين صدور حكم نهائي يدينه، إضافة إلى تغييبه قسرا عن محاكمته وحرمانه من الحق في الدفاع عن نفسه أمام المحكمة.
لقد مر الصحافي سليمان الريسوني بمحنة، قليلة مثيلاتها في تاريخ محاكمات الرأي بالمغرب، حيث ظهرت مؤشراتها منذ البداية في التماطل في التحقيق الذي استمر شهورا، (إذ تم الضرب في مبدئي قرينة البراءة وتعجيل المحاكمة المنصوص عليهما في الفصل 119 من الدستور). وفرض عليه الاعتقال الاحتياطي ظلما رغم أنه يتوفر على كل الضمانات بما فيها ضمانات الحضور. ومورس عليه التمييز لما حرم من الحرية ومن حقه في إعداد دفاعه في شروط تتساوى فيها كل أطراف الدعوى، وفي جو يضمن له الأمن القضائي. وهذا بعض من الكل كان من بين دوافع لجوئه إلى شن الإضراب اللامحدود عن الطعام والذي وصلت مدته الآن المائة يوم. وهو الأمر الذي يهدد حقه في الحياة، وحقه في سلامته البدنية وأمانه الشخصي.
أمام كل ما سبق، فإن الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان، بما له من مسؤوليات، وفي مقدمتها التنبيه لما يهدد حقوق الإنسان، و لما يستشري في الجسم القضائي من اختلالات تعرقل احترام ضوابط المحاكمة العادلة، فإنه يعبر عما يلي :
أولا: تنديده بالمنحى الذي يشهده واقع الحقوق والحريات ببلادنا، والذي يسعى للعصف بالعديد من المكتسبات التي تحققت بفضل نضالات وتضحيات الشعب المغربي على امتداد العقود الماضية، ويورط أجهزة القضاء في تبييض الانتهاكات، كما حصل ذلك خلال ما يعرف بسنوات الرصاص؛
ثانيا: استنكاره لحكم الإدانة الصادر في حق سليمان الريسوني، وفي غيابه القسري عن جلسات المناقشة، والقاضي بالسجن النافذ لمدة خمس سنوات وتعويض للطرف المدني قدره 100 ألف درهم، باعتباره حكما ظالما، صدر عن محاكمة انتفت فيها شروط وضمانات المحاكمة العادلة.
ثالثا: خوفه الشديد على حياة السيد الريسوني بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الإضراب عن الطعام، ومطالبته بقوة السلطة القضائية بوضعه تحت مراقبة طبية بالمستشفى، مستهجنا التشهير الذي يستهدفه من خلال تصريحات أو بلاغات بعض مسؤولي المندوبية العامة للسجون، بهدف التشكيك في إضرابه عن الطعام، وهو ما يفيد نية محاصرته والانتقام منه بسبب إصراره على مواصلة الإضراب عن الطعام احتجاجا على ما تعرض له من انتهاك لحقه في المحاكمة العادلة؛
رابعا: اعتباره أن ازدواجية المواقف والخطاب التي تسلكها الدولة وسلطاتها في التعاطي مع قضايا الحقوق والحريات، لن تزيد الأوضاع إلا احتقانا، ويدعوها إلى احترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان والتقيد بالدستور، وسيادة القانون وحماية حقوق المواطنات والمواطنين وضمان المساواة بينهم.
خامسا: يدعو كافة القوى الحقوقية والسياسية والنقابية والجمعوية المناصرة لحقوق الإنسان، إلى بلورة مبادرات نضالية مشتركة للتصدي للتراجع المتواتر للوضع الحقوقي ولجعل حد لضرب المكتسبات؛
سادسا: مناشدته الصحافي سليمان الريسوني وقف إضرابه عن الطعام حفاظا على حقه في الحياة وحماية لصحته، وتجنبا لكل ما قد يلحقه من أضرار جسدية تمس سلامته البدنية وأمانه الشخصي نتيجة استمراره في معركة الأمعاء الفارغة.