شدد بيان المكتب المركزي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، على وجوب التخلي عن صرف الميزانية في المقاربة الأمنية لصالح الأمن المائي والغذائي جاء فيه :
” يحتفل العالم، ومعه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، باليوم الدولي للمياه الذي يصادف 22 مارس من كل سنة، والذي اختير له هذا العام شعار ” المياه الجوفية- جعل غير المرئي مرئيا”، بمعنى إن كانت لا ترى بالعين مثل المياه السطحية فأثارها يظهر في كل مكان وهو اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة بقرارها 47/193 سنة 1992، عقب مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية المنعقد نفس السنة بمدينة ر ي دي جانيرو الأرجنتينية، واعتمدته الجمعية العامة بقرارها 47/193 من نفس السنة. ونظرا لجسامة الموضوع، في حياة الإنسان ومحيطه البيئي، فقد أولته الأمم المتحدة أهمية قصوى حيث جعلت من سنة 2013 سنة للمياه، كما اعتمدت المدة الفاصلة بين سنة 2018-2028 عقدا دوليا للعمل تحت شعار ” الماء من أجل التنمية المستدامة”، بهدف التشديد على ” أن المياه ومعايير الصرف الصحي هي مداخل أساسية في عملية خفض الفقر والنمو الاقتصادي والاستدامة البيئية”، وإذكاء الوعي بخطورة ندرة المياه الصالحة للشرب في العديد من مناطق العالم وباستحالة الحصول عليها لأزيد من ملياري فرد عبر العالم.
ويتسم تخليد يوم الماء لهذه السنة باستفحال أزمة الماء بما فيه الشروب بالمغرب بسبب قلة التساقطات وسوء تدبير الموارد المائية الجوفية وغياب إستراتيجية تعنى بالسياسة المائية ومحاربة الندرة وانعدام عقلنة سياسة الري وفشل تدبير احتياطيات السدود والتعثر في بناء البعض المبرمج منها في أجاله وغياب أي أثر إيجابي على الأمن الغذائي للمواطنين بسبب فشل سياسة المخطط الأخضر الذي التهم الملايير من الدراهم، و خوصصة منابع المياه و تسليعها. و رغم التحذيرات المبكرة التي تلقتها الدولة في هذا الشأن من قبل العديد من منظمات المجتمع المدني التي عبرت، غير ما مرة، بمعية السكان الأصليين، على الاستغلال البشع للفرشة المائية من قبل الضيعات الفلاحية الكبرى التي تستثمر في زراعة دخيلة موجهة للتصدير في مناطق تعاني شح المياه الصالحة لإطفاء الظمأ الشديد، أو لصالح ملاعب الكولف والمنتجعات الغير منتجة لأية ثروة، وهو ما تابعته الجمعية ،خلال السنوات الأخيرة، في العديد من المناطق، كدوار حاحا بالمحاميد باقليم مراكش، قرية بوشان بمنطقة الرحامنة، بومالن دادس وأنيف وتنغير وزاكورة في الجنوب الشرقي. وقد اشتهرت هذه الأخيرة، أي زاكورة، باعتقال 24 من المشاركين في الاحتجاجات السلمية فيما بات يعرف ب ” ثورة العطش”سنة 2017، بتهمة “التجمهر والانخراط في مسيرة غير مرخص لها”. وهي الاحتجاجات التي امتدت إلى العديد من المدن والقرى تتكرر فيها انقطاعات الماء الصالح للشرب أو منع الأهالي من حفر الآبار في أراضيهم، كما هو الشأن بالسبة لقرية ولماس، بينما الشركة المعدنية، تشتغل بدون انقطاع، لتسويق أنواع مختلفة من قنينات المياه في جميع مناطق المغرب وفي بعض منها في العالم، بدون لا حسيب ولا رقيب.
و قد سبق للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي أن أوصى، في إشارة إلى خطورة ندرة المياه و سوء التدبير، في تقريره لسنة 2014، ” بتسريع وتيرة مراجعة القانون رقم 10-95 المتعلق بالماء و تعميم برنامج النجاعة المائية من أجل عقلنة استغلال الموارد المائية و تثمينها، من خلال تسريع وتيرة تنفيذ البرنامج الوطني للاقتصاد في مياه السقي، و إعداد برنامج وطني للاقتصاد في الماء الصالح للشرب و الماء الصناعي…”، ودعا، في نفس التقرير، إلى ” تكثيف و تنويع وسائل تعبئة الموارد المائية، و لاسيما من خلال إعداد برنامج استثماري على المدى المتوسط و المدى الطويل لتطوير الموارد المائية غير التقليدية ( تحلية مياه البحر، معالجة المياه الجوفية، إعادة استعمال المياه العادمة بعد تنقيتها) و تعزيز التآزر بين سياسة الطاقات المتجددة و الإستراتيجية الوطنية للماء”.
وفي تقريره برسم سنتي 2019-2020 اعتبر المجلس الأعلى للحسابات أن “المغرب ضمن العشرين دولة التي تصنف عالميا في وضعية ‘إجهاد’ من حيث توفر الموارد المائية”، التي تقدر ب 22 مليار متر مكعب في السنة، تستخدم منها في السقي حوالي 88% و12% فقط في “التزويد بالماء الصالح للشرب وتلبية حاجيات القطاعات الاقتصادية الأخرى”. كما أثار إشكالية التوزيع الغير “متوازن بين الأحواض المائية من حيث الإمدادات السنوية بالمياه”. وسجل “وجود فائض في بعض الأحواض يتم تصريفه أحيانا في البحر دون الاستفادة منه، بالمقابل تعاني بعض المناطق الأخرى من صعوبة في موارد مائية من أجل السقي وفي بعض الحالات من أجل الشرب”، وأوصى ” بانجاز المشاريع المكتملة النضج المتعلقة بالربط بين الأحواض المائية”. كما دعا إلى التدبير المعقلن لقطاع الماء الذي “يتطلب تجاوز عدد من أوجه القصور من أجل مواجهة التحديات المتعلقة بتعبئة الموارد المائية وتثمينها، والحفاظ عليها، كما يستدعي التخطيط والتنظيم لمختلف المراحل التي تعرفها هذه الموارد، وكذا سبل تمويلها
وبناءا على ما سبق ونظرا لخطورة الوضع المائي بالمغرب، فان المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق، يستغل فرصة تخليد اليوم العالمي للمياه، ليعلن للرأي العام الدولي والوطني:
1- تشبثه بالدفاع عن حق الإنسان في بيئة آمنة، نظيفة، صحية ومستدامة، ويضم صوته إلى كل المدافعين والمدافعات، عبر العالم، عن العدالة المناخية وضد كل المقاولات المنتجة للغازات الدفيئة، سعيا لضمان العيش والبقاء للأجيال القادمة، وللتوازنات المناخية،
2- مساندته كل القرى والبوادي وكل المناطق، التي تعاني شح المياه، في حق التظاهر والاحتجاج السلمي للتعبير عن حاجاتهم في الماء وفي حقهم في نصيبهم من كل الثروات، التي تزخر بها بلادنا، ويعبر عن مؤازرته لكل ضحيا القمع الممنهج الذي يستهدف إسكات وإخضاع المواطنين والمواطنات وإذلالهم والمس بكرامتهم؛
3- يستنكر خوصصة وتسليع منابع المياه ويندد بالسياسة الفلاحية المتبعة التي تعطي الأولوية للزراعة التصديرية، كالبطيخ الأحمر ولافوكا وغيرهما، التي تستنزف الفرشة المائية على حساب الأمن المائي والغذائي والحاجيات الملحة للأهالي من المياه ومن الاكتفاء الذاتي من الحبوب والقطاني والخضر المستهلكة محليا؛
4- يحذر من عواقب اعتماد الاستثمارات مع الشركات الكبرى التي تستنزف الطاقة المائية والمياه الجوفية مما يساهم في تهجير السكان الأصليين والفلاحين الصغار واستنزاف المياه الجوفية والطاقة المائية، وفي تعميق ومضاعفة أزمة الفقر والبطالة؛
5- يدعو الدولة إلى الكف عن سياسة القمع ووضع حد للمنع والتضييق على الحق في التظاهر السلمي وإلى الاستجابة للمطالب المشروعة للسكان وإلى حقهم في الماء الصالح للشرب ذو جودة وضامن للصحة والغذاء، والضروري والكافي لحياتهم، وإلى الاستثمار في كل ما يخدم الإنسان وفي مقدمته حاجته للماء، والتخلي عن الاستثمار في التسلح والمقاربة الأمنية لصالح الأمن المائي و الغذائي.