تحت شعار: ” نضال وحدوي ومستمر ضد الاعتقال السياسي”، تحيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والحركة الحقوقية والديمقراطية، اليوم الوطني للمرأة المناضلة، الذي يصادف الذكرى 42 لاستشهاد المناضلة سعيدة المنبهي في 11 دجنبر 1977؛ ويأتي تخليد هذه المناسبة للتأكيد على الوفاء لذكرى شهيدة الحركة التقدمية والشعب المغربي، التي اعتقلت، بشكل تعسفي، بتاريخ إثر حملة اعتقالات شنتها الدولة في صفوف مناضلي ومناضلات اليسار والقوى التقدمية بالمغرب، تلتها محاكمات صورية صدرت على إثرها أحكام قاسية وجائرة في حق المعتقلات والمعتقلين؛ حيث حكم على الشهيدة بخمس سنوات سجنا نافذا في يناير 1977 بتهمة المس بـأمن الدولة، أضيفت لها سنتان سجنا بتهمة المس بهيبة القضاء، إلى جانب مجموعة من رفاقها . وفي السجن خاضت سعيدة مع رفاقها المعتقلين السياسيين إضرابا لا محدودا عن الطعام، من أجل مواجهة واقع القهر داخل السجن والاعتراف لهم بصفة المعتقلين السياسيين وتحسين ظروف الاعتقال؛ إضراب واصلته بتحدٍ وصمود بطولييْن إلى أن استشهدت بعد 35 يوما، بتاريخ 11 دجنبر 1977، وعمرها حينئذ لا يتعدى 25 سنة؛ فصارت بذلك رمزا للحركة النسائية المناضلة، وملهمة لجيل من النساء المغربيات التواقات للتحرر من نير الاستغلال والاضطهاد.
إن تخليد الجمعية للذكرى 46 لاستشهاد سعيدة المنبهي واعتباره يوما وطنيا للمرأة المناضلة هو محطة نضالية لاستحضار ما ترمز إليه الشهيدة من قيم الكفاحية والثبات على المبادئ والإيمان بالقضايا العادلة والصمود إلى حد التضحية من أجلها ؛ كما هو استحضار لمسار نضالي متعدد الجبهات يتداخل فيه البعد السياسي والنقابي بالبعد النسائي والإبداعي، والدمج الخلاق بين قضايا التحرر النسائي والتحرر الوطني وانعتاق الشعوب؛ فقد كانت شهيدتنا مسكونة بالقضية الفلسطينية ومناهضة الصهيونية والإمبريالية بقدر مناهضتها للاستبداد والفساد ولانتهاكات حقوق الإنسان ببلادنا؛
يحل هذا اليوم والنساء المغربيات، كجزء من الشعب المغربي، يعشن في ظل وضع عام متسم باتساع وتعميق الانتهاكات التي طالت جميع المجالات، أوضاع تجعلهن ينخرطن بقوة في معظم الحركات النضالية والاحتجاجية التي تشهدها عدد من المناطق. نساء أحزمة الفقر في المدن الكبيرة ونساء الفقر والهشاشة بالقرى والمداشر، يناضلن من أجل الحق في الأرض والحق في الماء والحق في الصحة وفي التنمية ومن أجل فك العزلة عن مناطقهن، إلى غير ذلك من واجهات النضال اليومي مع ما ينتج عن ذلك من قمع وتنكيل واعتقال ومحاكمات صورية؛
أما على مستوى الحقوق المدنية للمرأة، فالسياسات التشريعية للدولة في مجال حقوق المرأة ما زالت، في مجملها، محكومة بثقافة اللامساواة والتمييز. فالمقتضيات الدستورية، ذات الصلة بسمو المواثيق الدولية وبالمساواة بين الجنسين، جاءت مشروطة بالثوابت السياسية والدينية للدولة المغربية، وبالتالي لا تمثل سندا قويا للقضاء على التمييز، وهو ما سيكون له الأثر البالغ على مجمل القوانين، من قبيل مدونة الأسرة، وقانون محاربة العنف ضد المرأة 103-13، والقانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية التي تشكل اليوم محاور أساسية في أجندة الحركة النسائية الديمقراطية والحركة الحقوقية وكل القوى المؤمنة بالمساواة.
في هذا اليوم نستحضر كذلك دور النساء المناضلات، جيل من أمهات وزوجات وعائلات المعتقلين السياسيين، ليس فقط في دعم ذويهم من المعتقلين وإنما أيضا في التعريف بالاعتقال السياسي وفضح التعذيب في حملة إعلامية واسعة النطاق على المستوى الوطني والدولي بحيث شكلن فعلا حركة نضالية مرافقة للدينامية النضالية التي يخوضها المعتقلون والمعتقلات السياسيون/ات داخل السجون، وشكلت صدى لها خارج أسوار السجن، وهذا هو ما بجعل من اليوم الوطني للمرأة المناضلة كذلك يوما للاحتفاء بكل هؤلاء النساء المناضلات بمختلف مشاربهن سواء منها السياسي أو النقابي أو النسائي الحقوقي، وفي مختلف مجالات فعلهن النضالي، تكريما لهن وتأكيدا على دورهن الحاسم في أي مشروع للتغيير الديمقراطي الشامل.
وبناء على ما سبق، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تقف وقفة إجلال لروح الشهيدة سعيدة المنبهي وكافة شهيدات وشهداء الشعب المغربي، إذ تذكر الدولة المغربية بمسؤوليتها في استشهاد المناضلة سعيدة المنبهي، وكل شهداء الشعب المغربي إبان الإضرابات الطعامية أو خلال مختلف المعارك والهبات النضالية الكبرى، فإنها:
● تحيّي النساء المناضلات في مختلف مواقعهن، وعموم النساء المكافحات من أجل الحق في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة الفعلية والديمقراطية والتنمية والعيش الكريم؛
● تشيد بصمود أمهات وزوجات وأخوات المعتقلين السياسيين في كل المناطق، وتعبر عن مساندتها ودعمها لهن وإدانتها للمضايقات التي يتعرضن لها، مطالبة بإطلاق سراحهم فورا دون قيد أو شرط؛
● تجدد التزامها بالانخراط الفاعل في كل الصيغ النضالية الوحدوية، من أجل حماية حقوق المرأة والنهوض بها؛
● تعرب عن تضامنها اللامشروط مع نساء فلسطين، في نضالهن ضد الصهيونية والإمبريالية، المعادية لحقوق الإنسان ولحقوق الشعوب.