أفاد بلاغ المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ول الاعتقال التعسفي بسبب الرأي، أنه ” منذ إعلان منظمة الصحة العالمية تصنيف فيروس كورونا “كوفيد-19” جائحة عالمية، تعالت الأصوات المطالبة بعدم استغلال حالات الطوارئ الصحية للإجهاز على الحقوق الأساسية للشعوب، بدعوى محاربة الجائحة؛ وهو ما وجه من أجله أيضا الأمين العام للأمم المتحدة نداء عاجلا، يحذر فيه من مغبة تحول جائحة كورونا إلى أزمة عالمية لحقوق الإنسان، محذرا من اتخاذ أزمة تفشي كورونا، “ذريعة لفرض تدابير قمعية لأغراض لا علاقة لها بالوباء”؛ فيما دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان وعدد من المقررين الخاصين إلى عدم استخدام حالة الطوارئ المعلنة بسبب تفشي فيروس كورونا، كعذر لاستهداف مجموعات أو أقليات أو أفراد معينين، وأنه لا يجب أبدًا أن تشكّل حالة الطوارئ الصحية غطاء لعمل قمعي بحجّة حماية الصحة، أو أن تُستخدم لعرقلة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان، منبهين إلى ضرورة اعتماد القيود المفروضة للتصدّي للفيروس على أساس أهداف الصحة العامة المشروعة، لا أن تُستَخدَم بكلّ بساطة لقمع المعارضة، ومؤكدين على ضرورة الحفاظ على نهج قائم على حقوق الإنسان عند التصدّي لهذا الوباء، من أجل تحقيق مجتمعات سليمة تتمتّع بسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان.
وفي نفس السياق وجهت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نداء للحكومات من أجل إطلاق سراح كل شخص ليس موقوفا على أسس قانونية، بمن فيهم السجناء السياسيون ومعتقلو الرأي، إلا انه وعلى عكس هاته الدعوات الأممية، اختارت الدولة المغربية أن تسبح ضد التيار. فبعد التحكم في الفضاء العام وإغلاقه بحجة الطوارئ الصحية، لجأت الدولة إلى التضييق على الفضاء الرقمي، عبر مباشرة الاستدعاءات والاستنطاقات والمحاكمات بتهم نشر أخبار زائفة أو التحريض على التظاهر والدعوة له، والتشهير بمؤسسات الدولة؛ مما جعل من تواتر هذه الممارسات واستمرارها، انتهاكا ممنهجا ماسا بحرية الرأي والتعبير، واعتداء بليغا على الحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
فعلى خلاف التوجه العالمي عرف المغرب ارتفاعا مهولا في عدد المتابعات والتوقيفات، إذ تضاعفت حدة الاعتقالات وارتفعت وتيرتها بشكل غير مسبوق؛ حيث أوقفت واعتقلت السلطات، مستغلة حالة الطوارئ الصحية، الآلاف من المواطنين/ات تحت ذرائع وحجج مختلفة؛ منهم محتجون، ومدونون ونشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، وصحفيون منتقدون وأساتذة… لا لشيء، سوى ممارستهم لحقهم في حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي. وقد وجدت الدولة المغربية، من خلال أجهزتها الأمنية بكل تلاوينها، الفرصة سانحة للمزيد من التضييق والقمع والتغول في فرض سيطرتها وبسط رقابتها على كل المواطنين/ات؛ وهو ما حدا بها إلى التمديد المستمر لحالة الطوارئ الصحية لما يقارب الأربعة عشر شهرا، جاعلة منها ذريعة لتقيد حركة المواطنين وإحصاء أنفاسهم، وسيفا مشهرا لتسويغ اعتقال كل من انتقد أو عارض أو احتج، سواء بشكل فردي أو في إطار جماعي.
والمكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو يذكر بالمادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه الدولة المغربية مند سنة 1979، والتي تنص على أنه يجوز للدول في حالات الطوارئ الاستثنائية أن تتخذ تدابير مقيدة، في أضيق الحدود، للالتزامات المترتبة عليها في هذا العهد شريطة عدم تعارضها مع بعض الحقوق الأساسية كالحق في الحياة والحق في حرية الفكر والتعبير والمعتقد، وعدم جواز إخضاع أي شخص للتعذيب أو السجن…، يسجل ما يلي:
– تهنئته لمعتقلي حراك الريف الذين استعادوا حريتهم، ويدعو إلى إطلاق سراح كافة معتقلي الحراك ومعتقلي الرأي بالمغرب وكل المعتقلين السياسيين، وتوقيف المتابعات في حق العديد من النشطاء ومدافعي حقوق الإنسان؛
– مطالبته بالإفراج الفوري والعاجل عن الصحافيين سليمان الريسوني، المضرب عن الطعام منذ 40 يوما، وعمر الراضي، اللذين يوجدان رهن الاعتقال التحكمي والتعسفي منذ سنة بالنسبة للريسوني، وما يقاربها في حالة الراضي؛ بالرغم من جميع المطالبات الدولية والوطنية بإطلاق سراحهما، وتحميله للدولة مسؤولية ومغبة ما قد يترتب عن وضعهما الصحي الخطير من مس بحقهما في الحياة والسلامة البدنية؛
– استنكاره لاستغلال الدولة، عبر أجهزتها المفروض فيها السهر على إنفاذ القانون، لحالة الطوارئ الصحية، خلافا للغاية من تشريعها وطنيا ودوليا، وضدا على كل المواثيق والعهود الدولية، التي تضمن أساسا حق الأفراد في الحرية وعدم تعريضهم للاحتجاز او الاعتقال التعسفي، وحقهم في التفكير والتعبير عن آرائهم والانخراط في الجمعيات وتنظيم الأنشطة والتظاهرات السلمية، وتعتبر أن كل اعتقال نفذ تقييدا لهذه الحقوق، هو اعتقال تعسفي وتحكمي، وخلفيته سياسية الهدف منها تكميم الأفواه وإسكات كل الأصوات الحرة وقمع كل المعارضين للسلطة؛
– ادانته لشن الدولة لحملة اعتقالات تعسفية وتحكمية واسعة، وتنامي وتيرتها منذ مارس 2020، في حق كل المخالفين والمنتقدين لسياساتها وأجهزتها، أو لكيفية تدبيرها لحالة الطوارئ الصحية، أو على خلفية نشر ومشاركة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في حق المدافعين/ات عن على حقوق الانسان، واستدعاء العشرات منهم/هن على خلفية نشر تدوينات أو منشورات أو بث فيديوهات أو “أوديوات” على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”؛ إضافة إلى اعتقال صحافيين/ات وتلفيق تهم ذات صبغة أخلاقية لهم/هن؛ كل هذا في انتهاك صارخ للحق في حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي…؛
– مطالبته بالكف عن مضايقة المواطنين واستفزازهم وترهيبهم وتخويفهم، ووقف المتابعات ضدهم/هن، وإشهار سيف الاعتقال بمسميات عديدة، في حق كل من تجرأ ودافع عن حقه في العيش بكرامة أو احتج ورفض مصادرة أي من حقوقه المرتبطة بها؛ وذلك عبر تسخير القضاء واستغلاله من أجل إضفاء الشرعية على مساطر المتابعات المغرضة ذات الطابع الأخلاقي أو الديني أو المؤسساتي، وللعب على مشاعر ووجدان الرأي العام وتوجيهه بتغليطه لقبول تغول المخزن والسكوت عنه، خصوصا عبر صحافة التشهير والبلاغات الكاذبة والكيدية من لدن المسؤولين العموميين من داخلية ومندوبية للسجون، ونيابة عامة وسلطة قضائية…، لتسييد الاعتقاد بأن الهدف الحقيقي هو حماية أمن وسلامة الموطنين/ات، بينما الحقيقة هي مصادرة كل حقوقهم وإخضاعهم وضمان إخراس كل الأصوات الحرة والمنتقدة لفساده وتجبره وتسلطه وتجبره؛
– يدعو إلى تحرير الفضاء الرقمي من الرقابة المتعارضة مع قيم الحرية، والتمييز بين التشهير الحقيقي والدعوة للعنصرية والكراهية، وبين الحق في الرأي والتعبير.