تابع حزب الحركة الشعبية و ممثليه بالبرلمان و المجالس الترابية و كافة مناضليه بكل مسؤولية و وطنية التطورات الأخيرة التي تعرفها منطقتنا و التي تبين بوضوح أن حكام الجزائر فقدوا البوصلة و اصيبوا في مقتل بعد النجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب لتحصين وحدته الترابية و التي هي نتاج عمل في العمق و ذو نفس إستراتيجي سهر عليه صاحب الجلالة منذ تربعه على عرش اسالفه الميامين. و إننا إذ نسجل الحملة الجزائرية الموغلة في الصبيانية على قائد األمة و التي تواجهها مواقف مغربية صارمة مبنية على الحكمة و الرؤيا المتبصرة التي ال تعير لردود األفعال السريعة أي إهتمام. نؤكد على أن الذي يخيف الجزائر و يحرك فيها غريزة متجذرة في فعلها العدائي ضد المغرب هو مسار إستراتيجي قاده صاحب الجلالة في إتجاه بلدان القارة الأفريقية التي ننتمي إليها جغرافيا و تاريخيا بالعقل و القلب. منذ عقدين و العمل متواصل في غرب وشرق أفريقيا إلرساء بديل سياسي واقتصادي عن سياسات المعونات الخارجية التي لم تنفع إلا الاقتصادات الغربية منذ حصول الدول الافريقية على الاستقلال.
تكلم الملك محمد السادس حفظه الله لغة واقعية نفذت إلى العقل االفريقي بقوة. قال إن الافريقي يجب أن يثق في الافريقي و أن العلاقات الاقتصادية يجب أن تبنى على مبدأ “رابح رابح”. حين كان الجار الشرقي يسعى إلى التفرقة و اإلستمرار في تبذير أموال الشعب الجزائري بعقلية الحرب الباردة البائدة، كانت المصالح الاقتصادية و الشراكات تبنى بين المغرب و عدد كبير من دول القارة.
وأعترف الغرب بأن المغرب أصبح بوابة إلفريقيا و بدأ الكالم على بناء مثلث التنمية بين المغرب و شركاءه و الغرب. و كان محمد السادس أول رئيس دولة يزور عددا كبيرا من دول القارة لم يسبق ألي رئيس دولة أخرى أن وصل إلى هذا العدد خلال زياراته.
من هنا تجدرت مصداقية الكلمة المغربية و توطدت الشراكات في عدة قطاعات. و توطدت معها العالقات السياسية التي ارهبت الخصوم بعد رجوع المملكة المغربية إلى مقعدها باالتحاد االفريقي. و حضر المغرب بقوة في مؤسسات اإلتحاد و اقتنع أغلب دول القارة بصدقية القضايا التي يحملها المغرب و يدافع عنها من أجل شباب افريقيا و انفتاحه على معالجة قضايا الهجرة في إطار تضامني شكل نموذجا على الصعيد الدولي و الجهوي.
كل هذا لا يمكن أن يروق للجار الذي ال هم له سوى المس بوحدة المغربية الترابية و لو على حساب مستقبل الاقتصاد الجزائري و مصالح الجزائريين. غير الجار أربع مرات وزير خارجيته الذين جابوا الدنيا طوال و عرضا و لم يسمعوا إلا خطابا واحدا لدى أغلب دول العالم ” المقترح المغربي للحكم الذاتي جدي و ذو مصداقية”. و زاد هيجان دبلوماسية العار بعد النجاح الكبير الذي أظهرته إرادة الدول الصديقة و الشقيقة في فتح قنصليات لها بالاقاليم الجنوبية للمملكة.
الاعلام الافريقية و العربية و من قارة أمريكا ترفرف في العيون و الداخلة و هو ما يزيد من حقد الحاقدين و حسد الحاسدين. و الذي زاد من سعارهم المواقف الإيجابية والمتتالية للعديد من الدول من مقترح الحكم الذاتي. فبعد الواليات المتحدة عبرت إسبانيا عن دعمها للمغرب و تعبر ألمانيا اليوم عن الموقف نفسه. و الان الجزائر تعيش على الكذب فإنها تقسم على أنها ليست طرف مباشرا في موضوع الصحراء فتمول الانفصاليين الارهابيين. و تتجاوز حبل كذبها لمعاداة إسبانيا على موقفا من الحكم الذاتي. إنها قمة الانفصام السياسي و الدبلوماسي في ظل ما يعرفه سوق الطاقة.
لهذا لجأت الجزائر إلى كل الوسائل الدنيئة التي تشكل العمود الفقري لمعاكستها لمصالح المغرب. و فتحت خزانة موجوداتها من النقد الاجنبي لشراء المواقف و كراء الابواق و شراء صفحات في جرائد لتهاجم و تكذب و تحاول تشويه صورة المغرب و رموزه. و لم تنجع رغم هجوم من خلال اتهام ما سمي بنظام التجسس بيكاسوس و تلته مناورات أخرى كان مصيرها الفشل.
و لا يمكن عزل ما اقدمت عليه دولة تونس من تجاوز خط أحمر عبر إستقبال رئيسها للمجرم إبراهيم غالي بن بطوش.
الشيك بمبلغ 300 مليون دولار لم تدخل خزينة تونس بل رجعت إلى حسابات سوناطراك. و لقد بين الخطاب الملكي الاخير بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة الملك و الشعب أن العالقات التي لا تراعي المصالح العليا للوطن ووحدة ترابنا الوطني لا حاجة لنا بها. و قد ظهرت بوادر موقف الرئيس التونسي من خلال امتناع تونس عن التصويت على القرار الذي قدمته الولايات المتحدة في مجلس الامن .
هذا الموقف التونسي الذي تدينه الحركة الشعبية لن يضعف عزم و إرادة المغرب في التضامن مع الشعب التونسي قيس سعيد الجسر الجوي المغربي و حمولة 12رحلة جوية في عز أزمة كوفيد و نسي كذلك زيارته للمستشفى الميداني بوحداته المختلفة.
الشعب التونسي و قياداته و مثقفيه عبروا عن امتعاضهم من قرار الرئيس و عرفوا أنه خضع لضغط الجزائر في تراجع مهين عن موقف ثابت حملته تونس المساندة لمغربية الصحراء منذ حكم الزعيم التاريخي بورقيبة و خلفه. و تأكد بالفعل أن النية في الانحياز التونسي واقع و مسجل، و رغم بيان الخارجية التونسية و تبريرها حضور الانفصالي غالي بن بطوش، إلا الحرص على إستقبال رسمي في المطار و في رئاسة الجمهورية لم يكن بريئا. لقد كان احتفالا بروتوكوليا و سياسيا مبالغ فيه و رسالة واضحة إلى انحياز إلى الانفصاليين بأمر من الجزائر. الأعراف الدبلوماسية في مثل هذه المناسبات لا تساوي بين دولة صديقة و عريقة علاقاتها مع مستضيف اللقاء و حركة انفصالية انفرط عقد وجودها المدعم جزائريا داخل اإلتحاد األفريقي. وبين بالغ الخارجية التونسية عن تغير في اللهجة من خلال ما سمته بالحياد التام في قضية الصحراء و هو كذب و تنكر للمواقف السابقة و الداعمة لوحدة المغرب الترابية.
لكل هذا نؤكد على الموقف الثابث للحركة الشعبية و نسجل بكل اعتزاز قوة مواقف كل القوى الحية لبالدنا ومؤسساتها التي اجمعت على اخلال الرئيس التونسي بالموقف التاريخي لبلاده الداعم لمغربية الصحراء و نساند كل الخطوات التي تم اتخاذها من طرف بلادنا إتجاه خطأ تاريخي من طرف من كنا نعتبرهم من ذوي المواقف التي ال تؤثر فيها ضغوط الكل يعرف مصدرها.
إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب