محمد نجيب كومينة
لست مطلعا على مجريات مباراة المحاماة التي اثارت الجدل والاحتجاج او مؤهلا للخوض فيها، ولست معنيا ايضا بالصراعات الخفية التي تحركها مصالح وحسابات تتجاوز قدرتي على الاستيعاب والفهم، لكن ما اثارني هو تصريح وزير العدل وهبي المتعلق بشخصه اللي لاباس عليه بزاف وعن ابنه الذي حصل على شهادة من كندا. اثارني على الخصوص لانه صادف تنصيب الرئيس لولا بالبرازيل لولاية رئاسية جديدة، الذي حضره رئيس حكومتنا اللي لاباس عليه اكثر من وهبي بزاف و اللي اقرا فكندا، لان شعار لولا كان ومايزال هو وضع حد للدورة الجهنمية لثوريت الفقر جيلا بعد جيل في بلده الذي تقسمه الفوارق وما يتصل بها من قيم وثقافة و ايديولوجيات، ومعروف ان لولا كان خلال ولايتيه السابقتين وراء ادماج جزء من مواطني البلد لم يكن معترفا له حتى بالمواطنة وكان محروما من الوثائق الرسمية و من الحق في التصويت واطلق برنامج “بولصا فاميليا” لدعم الفقراء وتشجيعهم على ارسال اطفالهم الى المدرسة و تلقيحهم ….الخ. و بغض النظر عن مرجعيته اليسارية، فان توجه لولا الاجتماعي ناتج عن كونه ينحدر من وسط فقير عانى من الجوع واشتغل ماسح احدية و عامل، اي ان اباه لم يكن غنيا كوهبي، و ماكان ليصل الى اقل مما وصل اليه بكثير لو ولد في المغرب حيث باتت المصائر محسومة مند الصغر بالانتماء الى العائلات التي تملك المال او النفوذ وحيث تبرر الفوارق بالاقدار و الخرافات على العموم، وحيث يتم الترويج لشعارات للاستهلاك وحتى للتحايل والتغطية على سياسات تتعارض مع مضمونها الاصلي.
قد يكون ماصدر عن وهبي فلتة لسان نتيجة استفزاز، لكن فلتات اللسان كما حللها فرويد، ومن بعده التحليل النفسي، تخرج من اللاوعي و تعتبر التعبير الاكثر وضوحا عن حقيقة وقناعة الشخص المضمرة. والحقيقة ان وهبي لم يعبر عن نفسه وحسب، بل وايضا عن فئات بعينها، صار جزءا منها بعد “مادار لباس بزاف”، تنظر الى الفئات الفقيرة والهشة من المجتمع باستعلاء، كي لا نقول باحتقار، وترى ان من حقها لدى سعيها الى امتلاك المال والسلطة والنفوذ ان تعبد الطريق لسيطرة ابنائها وبناتها بعدها وبالتالي تهيئ وراثة الغنى والسلطة والجاه والنفوذ في جهة ووراثة الفقر والحكرة في جهة، والبين ان هذه الفئات، بمن فيها الملتحقين من حديثي النعمة، متوافقة على ذلك، وتنافسها يقتصر على بعض التفاصيل لاغير.
هذا هو المغرب الذي يحضرونه، وماعدا ذلك “بارولي…بارولي..بارولي..”