تنام المناجلُ قرب السنابل ، كل ٌّيعرف هدفه ..ويتفانى في مهمته..ولا ينزعج الواحدُ من حضور الاخر ..فلا السنابلُ عن النمو تتوقف، ولا المناجل عن القَطْع تتعَفَّف
-المنجل مهتم بشحذ نَصْله ، وتتبُّع حركة سنابله ، فمرة يَبيتُ تحت منْبتها ،ومرة يقف لصيقا بسيقانها ، ومرة يُغادر الحقلَ ليزداد شوقه اليها.
-والسنبلة تتقبل مصيرها ، دون ان يُخيفها ذلك، بل لا يزيدها العِلم بما ستصير اليه إلا اصرارا على طلب البقاء والنماء ، فتتحسس ماء الحياة من تدفق الساقيه ، وتنتعش من دفء التربة الباقيه ، ومع كل ريح عاتيه ، تنحني دون ان تنمحي .
فالمناجل على مقربة منها ..تراقب المكان ..وتتحيُّن ذاك الزمان .
والسنابل بحب تغرس جذورها، وبعشق وتراقب قامتها ، وزمن إثمارها .. فتواصل التجدر ، والتكاثر ، والتمايل ، غير آبهة بالذي بها يتربص ،ولظهورها يتلصص ؛لانها إن انشغلت او تهوست بالامر ، لتوقف نبضها لحظة ابتذارها .
ثم تغتال المناجلُ حلم السنابل ..
ويرثى الحقل سنابله ..التي طالما زيَّنت الفضاء ، وأنعشت الاجواء، وتطلعت الى رحمة السماء.
فيُعانق الحقل المكلومُ ، المفجوعُ حبات سنابله المتناثرة ..ويَستعدُّ المسكين في صمت وصبر كي يعيش مرارة موسم آخر من ثنائية :
الفرح والحزن ، والامل والالم ، و الاثمار والاطمار .
هكذا نعيش حياتنا وموتنا .
تأملات بقلم محمد خلوقي