آخر الأخبار

تابوت فرعوني على كوكب المريخ

فى خضم الخبر المنتشر كالنار في الهشيم، الذى يذكر أنه تم التقاط صورة من على سطح المريخ تحتوي تابوتًا مصريًا قديمًا، حتى اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي وتحول الموضوع إلى حقيقة لا تقبل الجدل لدى البعض مع اتفاق من البعض على عظمة الحضارة المصرية التى عبرت أغوار الفضاء.

وقد رددت الصحف القديمة بعض الاكتشافات قبل تواجد وكالة ناسا الفضائية، في نهايات القرن التاسع عشر التي شهدت روايات أدبية عن الكائنات الفضائية مع نشر رؤية الأثريين المصريين لما يتم تداوله من صور وكالة ناسا.

غبين عامي 1888م بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر بـ6 سنوات نشرت الصحف الأجنبية والمصرية اكتشافات غريبة على كوكب المريخ؛ حيث اكتشفوا مجرى مائيًا يشبه قناة السويس، كما اكتشفوا بحيرة بمساحة فرنسا، وقد أكدت الصحف الأجنبية أن الذي قام بحفر تلك القنوات المائية على المريخ مهندسون ينتمون لكوكب المريخ، فيما تم نشرت رواية أدبية بعد ظهور هذه المكتشفات، جعلت أهالي المريخ اشتراكيين وغذاءهم متوافر بحسب صحيفة الأهرام.

مجلة المقتطف الثقافية في عام 1888م نشرت تقارير الصحف الأجنبية عن اكتشافات المريخ وقالت: “كثر لغط الجرائد السياسية الشهر الماضي في أمر السيار”الكوكب” المعروف بالمريخ، ونقلت عليها الجرائد العربية أن الفلكي الفرنسي فاي اكتشف في المريخ قنوات مائية حفرها بعض سكانه بعضها تام كقناة السويس وبعضها لم يزل سكانه يعملون في حفره، وأثبتت إحدى الجرائد أن أهالي المريخ يستخدمون الفؤوس والمجارف والمعاول”.

و أكدت صحف أجنبية وعربية أيضًا أن هناك مشاهدات تمت على سطح المريخ، حيث وجد جزر وقارات تفصلها وتخرقها خطوط أشبه القنوات المائية؛ حيث أول من نبه الناس لهذه الحقيقة كان العالم الإيطالي شبارلي مدير مرصد ميلان؛ وذلك في عام 1877م وقد يكون طول هذه المجاري المائية على المريخ 4 آلاف ميل وعرضها 60 ميلًا، وهي تمتد في هذا البعد الشاسع في خط واحد غير متعرج مثل ترع كوكب الأرض وقد أكد شبارلي أن هناك علماء سبقوه في مشاهدات ترع المريخ ولكنهم لم ينتبهوا إليها جيدًا.

وفي ايطاليا في عام 1882م وهو عام احتلال الإنجليز لمصر أكد العلماء أن قنوات المريخ توجد منها 20 قناة مزدوجة؛ حيث اختلف العلماء في أصلها إلا أن العالم “شبارلي” الذي أطلق صيحة القنوات المائية على المريخ أكد في بحوثه العلمية أن المريخ عالم جديد، وأنه في حال تكونه في العصور الجيولوجية تحولت أرض المريخ فصار بره بحرًا وبحره برًا، لكن أحد العلماء ويدعى المسيو بروتين أكد أن في عام 1886م ظهرت عدة تغيرات على سطح المريخ منها أن البحيرة التي كانت متواجدة على سطحه وكانت بمساحة فرنسا قد اختفت لكن البحر لم يغمرها حتي انحسرت مياهه في الناحية الجنوبية منه فصارت شبيهة بالبر في الكرة الأرضية.

وأكد العالم “بروتين” أن هناك قناة ظهرت في الناحية الشمالية من المريخ طولها 20 درجة وعرضها من درجة إلى درجة ونصف الدرجة، مؤكدًا أن هذه القناة المائية لم تكن موجودة حين نشر العالم الإيطالي شبارلي خريطة القنوات المتواجدة في المريخ، التي أثارت عقول البشر والروائيين والأدباء أيضًا وبعد عام من قناة المريخ التي تشبه قناة السويس والخلجان والبحيرات التي أنشأها البشر الذين يعيشون في المريخ نشرت الصحف العربية نقلا عن الصحف الأجنبية في عام 1889م حكاية ظهور رواية اسمها العروج للمريخ في الأسواق الأوروبية؛ حيث عارض مؤلفها الرواية الشهيرة لجون فرن؛ حيث تناولت الرواية حكاية صعود البشر للمريخ من خلال قيام بطل الرواية باختراع آلة طارت به للمريخ.

ووصفت الرواية في جو من الخيال البشر الذين يعيشون في المريخ؛ حيث وصفتهم الرواية بأنهم بشر اشتراكيون والطعام غزير ومتوافر عندهم وميسور لكل شخص بدون تعب أو مجهود؛ لأنهم يصنعون الطعام من عناصره الأساسية من الهيدروجين والأكسجين والكربون أما بيوتهم فهي مضاءة كلها بالكهرباء خلاف البشر الذين يعيشون في الكرة الأرضية في عام 1889م، وليس عندهم بارود “أسلحة”، ولانظارات مثل البشر الذين يسكنون الكرة الأرضية.

رؤية الأثريين

الأثري محمد محيي أكد أنه ليست المرة الأولى التى تظهر فيها أشياء كهذه على سطح المريخ حيث تم ترديد ظهور وجه أبو الهول على سطح المريخ، وأكد محيي أنه في ستينيات القرن الماضي تبنى شاب يدعي “إيريك فون دانيكان” نظرة غاية فى الغرابة وقتها وهى أن الحضارات القديمة على كوكب الأرض (ومنها حضارة مصر القديمة)، هى نتاج مخلوقات فضائية هبطت على كوكبنا ومنحت البشر الحضارة ثم رحلوا من حيث أتوا فى ذلك الوقت كان العالم مشغولا بأمور أخرى وأفلتت خرافات فون دانيكان من مقصلة المجامع العلمية وأصبح الرجل نجمًا بين عشية وضحاها وصدر له الكتاب تلو الآخر حتى بلغ من الثراء ما مكنه من إنشاء عالم مواز لـ”ديزنى لاند” يعرض فيه (نظرياته واكتشافاته) بأسعار تذاكر ومبيعات خيالية لكتبه أمنت له حياة من الرغد لمئات السنين لأحفاده من بعده.

وأضاف محمد محيي أنه بعد ذلك خرج من رحم أفكار فون دانيكان العديد من التأويلات لنفس الموضوع بصور مختلفة، فتارة الفضائيوين هبطوا على الأرض ليبنوا الحضارات القديمة ولا يزالون وهي النظريات التي تبناها البعض في مصر في كتبهم رغم عدم دقتها. مع التطور التكنولوجى غير المسبوق فى السنوات الأخيرة اتضحت حقيقة صورة أبو الهول مع لقطات أخرى لنفس البقعة أثبتت أن ما حدث كان مجرد خدعة بصرية متعلقة بظروف إضاءة الصورة وجودة التصوير.

وقال هاني ظريف أثري فلكي : إن مسافة المريخ من الأرض كبيرة جدًا تصل بعد الاختراعات الحديثة لنحو 8 أشهر ذهابًا؛ لذا يكون تحميل الصاروخ بالبشر من المستحيل لعدم الرجوع منه، لافتًا إلى أن العلماء قديمًا كانوا يستخدمون التليسكوب التقليدي.

وأضاف أنه تم تصوير الكواكب الـ 5 السيارة التى رصدها القدماء المصريون وهي (عطارد والزهرة والمريخ والمشترى وزحل)، كما صورت فى دائرة الأبراج الحيوانية بمعبد دندرة غرب محافظة قنا جنوب مصر كـ 5 أشكال لحورس؛ حيث كان حورس في رسومات دندرة يقبض على صولجان الـ “واس”، وقد عرفت منذ الدولة الوسطى بتابوت حنى، وقد سميت النجوم التى لا تهدأ أبدًا “نظرًا لحركتها فى السماء”.

يضيف ظريف أن المريخ بسبب لونه الأحمر الذى يلفت إليه الأنظار، فقد سماه القدماء المصريون “حر دشر” أي “حورس الأحمر”، (كما فى معبد دندرة بقنا)، وكما أطلقوا عليه حورس الأفق، (كما فى الرامسيوم وبسبب لونه الأحمر أيضًا فقد ربطوا بينه وبين الدم والحرب والدمار، ولذلك فقد مثل إله الحرب؛ حيث أطلقوا عليه أريس عند اليونان، وأطلقوا عليه مارس عند الرومان الذين اختاروا المريخ من ضمن آلهتهم التي عبدوها لافتًا إلى أن المؤرخين كانوا يقولون إنه إذا ظهر ميل الرومان للحرب فعل المريخ مثلهم، مضيفًا أنه برغم أن حركة المريخ لم تكن ظاهرة وواضحة في السماء إلا أن المصريين القدماء البارعين في علم الفلك كانوا يشبهون المريخ بالنجم الذى يتقهقر ويتراجع للوراء فى الاتجاه المعاكس نسبةً لحركته فى السماء.

ويقول محمود حجاج أثري إن كوكب المريخ ارتبط عند العرب بالنحس والحروب والعنف والدموية المفرطة، لافتًا إلى أن المؤرخ المقريزي – الذي كان من شيوخ المؤرخين في مصر عام (1364م 1442م) – اهتم في كتبه بأن يسرد سيرة الحكام الفاطميين وارتباطهم بالكواكب، مثلما كتب في كافة سير الحكام الذين حكموا مصر.

ويضيف حجاج أن إصرار المؤرخ المقريزي على ذكر الكواكب في ميلاد الحاكم بأمر الله، كان يمثل مغزى كبيرًا لدى المؤرخين في العصر الفاطمي، أو عادة عندهم لاهتمامهم المفرط بعلم الفلك، لافتًا إلى أنه برغم المعلومات الكثيرة التي تحدثت عن المريخ والكواكب الأخرى مثل كوكب زحل لم تكن بشكل علمي دقيق، إلا أن العرب كانوا متأثرين جدًا بالنظرية اليونانية القديمة في الكواكب وحركاتها وآراء الفلاسفة كأرسطو وأفلاطون؛ حيث إن العرب القدامى اعتبروا كوكب المريخ النحس الأصغر أما النحس الأكبر فكان من نصيب كوكب زحل، لافتًا إلى أن العرب تعاملوا مع المريخ على أنه نذير شؤم، ومتى حل على مكان، حل فيه الخراب لارتباطه بالحروب، مثل كافة الشعوب التي سبقتهم.

الأثري عماد الدين الضوي أكد أن الفوضى فى نشر أفكار لا تمت للعلم أو قواعد البحث العلمى بصلة أثرت على الكثير من المواضيع المطروحة عبر الوسائل الإعلامية الحديثة ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك علم المصريات وحضارة مصر القديمة تأثرت ببعض التشويش من أصحاب الفكر الفوضوى الذى لا يخضع لأى تأصيل علمي من غير المتخصصين فى الغالب أو الباحثين عن الشهرة بأى ثمن مما تسبب فى انتشار أفكار وأطروحات شاذة مثل تحديد هوية فرعون المعاصر للنبي موسى، أو أن قوم عاد العمالقة هم بناة الأهرامات وأخيرًا أنه عثر فى القمر أو المريخ على تابوت أو أثر مصري قديم، بالطبع كلها أكاذيب وخرافات وصور مزيفة الغرض منها إما خلق حالة من الجدل غير النافع وجمع أكبر قاعدة من القراء ولو بالتزييف، أو حقد دفين على حضارة مصر القديمة واستكثارها على مصر وتاريخها ومحاولة انتساب هذه الحضارة لمخلوقات فضائية وهو درب من دروب الجنون والخيال.