آخر الأخبار

تبون و الصحافة

محمد نجيب كومينة

َلقاء الرئيس الجزائري تبون مع صحفيين اظهر اننا امام نظام جزائري يرفض رفضا قاطعا، وبشكل لا يخلو من مرض يستدعي تدخل طب الامراض النفسية والعقلي، ان ينظر الى الواقع كما هو والى المستقبل كما يجب ان يكون. اجوبة الرئيس الجزائري كانت تعبيرا عن حالة نكوص جعلته يستشهد بتقرير، من صنع الخيال غالبا مادامت الاجوبة في مجملها كذب على كذب، صدر سنة 1994 يتوقع ان تكون الجزائر من ثلاث قوى اقليمية في افريقيا. الى جانب جنوب افريقيا ونجيريا، و لم يشر الى التقارير الاحدث التي تشير الى توقف عجلة الجزائر و تاخرها المستمرمغاربيا وافريقيا وعربيا، و المرجح تفاقمه بتراجع عائدات الريع البترولي والغازي، بحيث تنفتح على مشاكل عويصة لا نتمناها للشعب الجزائري الشقيق، و لا الى صعود بلدان افريقية تسير بوتيرة سريعة، و حتى لو شاء عدم ذكر المغرب لمرض في نفسه فانه لا يمكن له التغاضي عن مصر التي يتجاوز ناتجها الداخلي الاجمالي الناتج الجزائري حاليا كما تتجاوزها على كل المستويات حسب التقارير الدولية مثلا، مصر التي اقصاها ايضا لدى حديثه الكاذب عن ليبيا والوضع الليبي، بحيث وضع دولة العسكر في مصاف الدول العظمى، مثلما اقصى المغرب وتونس الذين كان لهم دور في الحلول التي تم التوصل اليها لحد الان اكثر من مؤتمر برلين الذي فرح باستدعائه اليه وكانه فتح مبين.
الرئيس، الذي بدا انه يتحدث ويشعر ان شنق ريحة يراقبه، تحدث عن استغاثة الاتحاد الافريقي الذي يطلب عودة الجزائر الى موقعها، و في ذلك اعتراف صريح بتاكل الدور الجزائري الذي كان قائما على توزيع البترو دولار، ونسي ان هناك ازمة جزائرية مع هذا الاتحاد وامينه العام غير مسبوقة في الوقت الذي كان يتحدث فيه، وان وزير خارجيته المسترجع من الارشيف فشل في جمع عدد من المناصرين يعتد به للاعتراض على منح اسرائيل وضعية ملاحظ، مع اعتراض من سايروه على اقحام جمهورية الوهم، مما دفعه الى التهديد بتقسيم الاتحاد القاري بشكل اجلف يعكس عقلية لحمامرة الذي كان يصول ويجول ويبيع ويشتري في هذا الاتحاد لما كان المغرب غائبا وكانت دول افريقية تواجه مشاكل عدم استقرار وفقر و حروب اهلية وعقلية نظام عسكري مخابراتي يستحيل عليه ان يتعلم الديبلوماسية البناءة البعيدة عن العدوانية.
و قد كانت النكثة المقرفة في الحوار ان الرئيس، الذي كانت توضع امامه الكرة ليسجل الاهداف لكنه يرمي بها الى الزاوية او الشرط من شدة حوله و محدودية قدرته على الظهور كرئيس دولة، هي ما قاله عن الوساطة المتعلقة بسد النهضة ومياه النيل، حيث كان واضحا مند البداية ان لحمامرة فشل، وهو ما اظهره وزير خارجية مصر في الندوة الصحافية التي تلت استقباله له بتركيز الحديث عن الارهاب وعلى الوضع الليبي واستبعاد مسالة الوساطة التي لن تكون ممكنة في موضوع شائك ووجودي من حجم حصص المياه الا على مستوى القوى العظمى والامم المتحدة، وحتى في اشارات وزير الخارجية المصري لليبيا والارهاب كان “حشي الهضرة”، فمصر كما هو معروف تساند حفتر الذي كان سيشعلها حربا مع شنقريحة، والتوتر قائم الى اليوم لان حفتر، ومعه مصر، يعرف ان المخابرات الجزائرية تلعب دورا خبيثا في ليبيا و لها يد في المجموعات الارهابية التي تنشط في منطقة الساحل والصحراء التي يقودها جزائريون في الغالب.
تبون والعسكر ربما اقتنعوا ان لحمامرة، او اقنعهم، انه قادر على القيام بدور خارجي يمكن تسويقه داخليا للتخفيف من حدة الازمة الخانقة، التي لا يعني التوقف المؤقت للحراك انها انتهت، وذلك بعد ان استنفدت ورقة العداء للمغرب و فشلت المخابرات والديبلوماسية الجزائرية في استعمالها و بات واضحا انها تنقلب عليها بعد المواقف الصارمة للمغرب في مواجهة كل من انجروا، لهذا السبب اوذاك، اليها و تورطوا في مستنقع لم يحسبوا نتائج التورط فيه جيدا. و يتبين اليوم ان امنستي و فوربيدن ستوري وعدد من وسائل الاعلام التي تم التلاعب بها وكانت تراهن على الاساءة لصورة المغرب هي من توجد في حرج و من سيتبين انها اساءت لنفسها، و لاحديث عن المصداقية ما دامت امنستي و هيومان رايتس ووتش قد اظهرتا مؤخرا انهما التين في الحرب الدائرة رحاها بين القوى المتصارعة في الشرق الاوسط، وبالاخص في لبنان، بشكل لابد ان يثير كل المتتبعين، بمن فيهم من يناهضون الدور الاقليمي لحزب الله اللبناني المستعد لتخريب لبنان واحزاب الله التي تستعملها ايران في بلدان اخرى.