آخر الأخبار

تحرير الماضي

إدريس بوطور 

( لحفظ الذاكرة لا بد من تحرير الماضي )

إنها مقولة معاصرة واكبت وتواكب التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية للمجتمعات الإنسانية ، وخاصة تلك التي ما زالت في طور النمو والبناء . ومن أهم هذه التحولات سريان مفاهيم حقوق الانسان في سائر المجالات ، والتي تقترن بها عدة مسارات كالديمقراطية وشفافية التدبير . ولعل حفظ الذاكرة الجماعية للشعوب من بين أهم الحقوق الانسانية المنشودة ، فهي ( أي الذاكرة) تضم إلى جانب الاحداث التاريخية ثقافة الشعوب وطقوسها وفنونها وأعيادها ومواسمها وخرافاتها ومخيالها وأمثالها وأزجالها وأغانيها وأبطالها ، وكل ما كان يعتبر طابوها إما بالتقديس أو بإسدال رداء الغموض ** فعندما نقول “لحفظ الذاكرة لا بد من تحرير الماضي” فإننا نقصد بالماضي كل ما ذكرت آنفا من مجالات الذاكرة الجماعية ، والتحرير يعني العمل على تحليلها وإبرازها ومنحها ما تستحق من الاهتمام لانتشالها من هوة النسيان والتقادم كي تطلع الاجيال بتواترها على المسارات الخلفية او كواليس التاريخ والتي دخلت طي الكتمان إما عن قصد أو بشكل حتمي لطغيان أحداث على أحداث . وتعتبر السير الذاتية أو ما يسمى بكتابة البوح والاعتراف من أهم وسائل تحرير الماضي بما تأتي به من تصحيح لمسارات أحداث معروفة ، وذكر لأحداث كانت مجهولة . كما أن دخول المسرح والفن السابع والدراما التلفزية على الخط في بلورة هذه المذكرات الذاتية الى أعمال سينمائية او مسرحية ، ساهم في انسيابية تحرير الماضي وإطلاق سراح ما كان أسيرا للكتمان والغموض.