قال باحثون من أكثر من دولة إنهم توصلوا إلى تحليل دم يمكن أن يساعد في حساب وقت الوفاة قبل خمس إلى عشر سنوات من وقوعها.
وأوضح الباحثون في دراستهم التي نشروا نتائجها مؤخراً في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” المتخصصة أن تحليل بروتينات ودهون بعينها ومواد أخرى في الدم ناتجة عن عملية الأيض، يمكن أن يساعد على تقدير وقت الوفاة على المدى البعيد.
أوضح الباحثون أنهم عثروا في الدم على 14 مما يعرف بالعلامات الحيوية، يمكن من خلالها حساب وقت الوفاة خلال السنوات الخمس وخلال السنوات العشر التالية للتحليل.
غير أن فريق الباحثين أكد على ضرورة إجراء مزيد من الدراسات قبل أن يصبح التحليل قابلا للتطبيق الميداني.
قوبلت الدراسة بردود فعل متباينة بين الباحثين المستقلين، حيث رأت أنيتٍّه روجِّه، رئيسة لجنة الأخلاق بمستشفى شليسفيج هولشتاين الجامعي، أن التنبؤ بوقت الوفاة، ينطوي على تحديات عديدة، وقالت: “إذ كيف سنمنع أن تأخذ التقديرات الحسابية للموت مكانا مبالغا فيه عند الحديث عن سقف الآمال المعلقة على العلاج؟ كيف سنمنع أن يؤدي الانتساب لمجموعة من الأشخاص الذين أثبت تحليل العلامات الحيوية لهم أنهم أكثر عرضة للموت، للتعرض للتمييز بين المرضى؟”.
وقالت الطبيبة الألمانية إنه من غير المعروف أيضا من الذي سيرافق المرضى بعد أن يعلموا بتاريخ وفاتهم، وكيف سنتأكد من تطبيق حق الإنسان في عدم المعرفة، أو الحق في الجهل، وهو الحق الذي يضمن للإنسان ألا يتلقى معلومات قد تكدر عليه حياته؟
وخلصت الخبيرة الأخلاقية، في إطار تعليقها على نتائج الدراسة، إلى أنه “من الضروري أن يكون تقييم الاستفادة من معرفة تاريخ الوفاة استنادا للعلامات الحيوية المذكورة في هذه الدراسة، سواء اليوم أو كرؤية مستقبلية، تقيما نقديا”.
وحلل الباحثون تحت إشراف يوريس ديلين، من مركز لايدن الطبي، هولندا، ومعهد ماكس بلانك الألماني لأحياء الكِبر، بمدينة كولونيا الألمانية، بيانات 44168 مريضا إجمالا، توفي منهم 5512 في فترة المتابعة.
كان العلماء قد بحثوا في عينات دم المرضى عن مواد تسمح باستخلاص نتائج عن احتمال الوفاة.
عثر الباحثون خلال البحث على 14 من هذه العلامات الحيوية، خاصة أحماض أمينية ودهون ومواد حاملة للالتهابات، والتي يمكن من خلالها التنبؤ بشكل أفضل من المؤشرات الحالية، باحتمال الوفاة لدى الرجال والنساء من مختلف الأعمار.
تبين للباحثين، على سبيل المثال، أن ارتفاع نسبة الجلوكوز أو اللاكتوز يترافق مع تزايد احتمال الوفاة، وأن ارتفاع نسبة تركيز حمض هيستيدين وحمض ليوسين، الأمينيين، أو ارتفاع بروتين ألبومين في الدم، يترافق مع انخفاض احتمال الوفاة.
وفقا للباحثين فإنه من الممكن أن يساعد الاختبار الذي يأخذ في الاعتبار العوامل التي تم رصدها، الأطباء في تخطيط علاج مرضاهم بشكل أفضل، على سبيل المثال عند ضرورة البت فيما إذا كان المريض المتقدم في العمر يتحمل الخضوع لجراحة أو أنه أضعف من ذلك.
ومعلقا على الدراسة قال فلوريان كرونينبِرج، من معهد علم الأوبئة الوراثية في جامعة إنسبروك النمساوية، إن أي خطوة تساعد في اتخاذ قرار علاجي صائب، هي خطوة مرحب بها، مضيفا أن تحسين القدرة على التنبؤ بوقت الوفاة يقترب من اعتماد الطب الشخصي، الذي يصف الدواء للمريض بدقة اعتمادا على خصوصية حالته.
تابع كرونينبرج: “ربما تسببت إمكانية الاستعانة بإحدى الخوارزميات لتحديد الدواء المطلوب لمريض ما، في بعض الخوف، ولكن الكثير من القرارات أصبحت تتخذ في الطب اليوم اعتمادا على قدر قليل نسبيا من البيانات”.
وتوقع الخبير النمساوي أن تساهم البيانات الأكثر مستقبلا في التوصل لتنبؤات أكثر دقة، ولكن مع مراعاة رؤية المريض وتفضيلاته، مشيرا في الوقت ذاته إلا أن هناك ضرورة ملحة لإجراء المزيد من الدراسات في هذا الاتجاه قبل التطبيق العملي للفكرة.