مباراة ولوج كليات الطب والصيدلة: تدمير التعليم العمومي يصل المعاهد ذات الاستقطاب المحدود.
يوسف الطالبي
جرت يوم الجمعة 29 / 7 / 2022 بمختلف المدن الجامعية المباراة الوطنية لولوج كليات الطب والصيدلة، ومعلوم أن هذه الكليات تعتبر ذات استقطاب محدود، إذ ظلت المشاركة في مباراة الدخول، على مر عهد الناس بالتعليم العالي، محصورة على التلاميذ المتفوقين، الذين تمكنوا من الحصول على البكالوريا بمعدلات عالية.
ومنذ ثلاث سنوات عرفت معايير الترشح للمباراة تغييرات مهمة، إذ تم خفض المعدل المطلوب سنة 2020 إلى 14,40 ، ليعيد خفضه أكثر سنتي 21 و 22 إلى 12,00.
وبالنتيجة فقد وسع هذا الامر قاعدة المشاركين في المباراة، وهو ما تطلب من الجامعة رصد إمكانيات لوجيستيكية وبشرية أكبر من المعتاد، من حيث توفير قاعات لاستقبال المترشحين وتجنيد العدد الكافي من المراقبين لضمان نزاهة العملية ومبدإ تكافؤ الفرص.
إلا أن الأمور لم تجر على الشكل المطلوب، فقد شهدت بعض مراكز المباراة فوضى عارمة، وحسب شهادات بعض المشاركين، فإن المباراة انطلقت متأخرة بما يناهز العشرين دقيقة، إذ ظل عدد من المترشحين يبحثون عن مقعد شاغر للجلوس، واضطر عدد منهم الى الدخول الى قاعات كيفما اتفق، وجلسوا إلى طاولات تحمل أرقاما غير أرقامهم، ولم يتم التحقق من هويات المشاركين ومراقبة استدعاءات الامتحان خاصتهم، وتعمدت مجموعات من المترشحين الجلوس بالقرب من بعضهم البعض بنية التواطؤ في الغش خصوصا في المدرجات ذات السعة الكبيرة.
وتحدث شهود مشاركون في المباراة عن تفشي عمليات الغش، حيث استعمل مترشحون الهواتف النقالة وتبادل ٱخرون أوراقا متضمنة لإجابات عن الأسئلة.
وتأسف مهتمون بالشأن التعليمي وقضايا التكوين والتعليم العالي لما جرى بسبب تأثيراته المحتملة على نزاهة الاختيار و مسه بمبدإ الاستحقاق. معبرين عن أسفهم أن يتم ضرب واحدة من قلاع التكوين إرضاء لأصحاب الجامعات الخاصة في الميدان الطبي، فقد تعالت خلال السنوات الأخيرة أصوات احتجاجية على إزدواجية الاختيار بين القطاعين الخاص والعام، إذ في الوقت الذي يطلب من المرشح للجامعات العمومية بكالوريا بمعدل 17 فما فوق، تستقبل نظيرتها في القطاع الخاص ناجحين بميزة مقبول، ولإخماذ هذه الأصوات، وفي عملية تمويهية، عمدت الوزارة إلى خفض المعدل المطلوب الى 12، لتلبس الأمر لبوس التكافؤ والعدالة.
المهتمون من أساتذة وطلبة عبروا عن عدم رضاهم عن التغييرات الطارئة على مقاييس الاستحقاق، ذلك أن طلبة القطاع الخاص سيتلقون تكوينا أفضل و وسيستفيدون من تساهل في الامتحانات، وسيجرون تدريبات في ظروف أحسن دون اكتظاظ وبعدد معقول لكل مؤطر، في حين يتزاحم طلبة القطاع العمومي في أجنحة المستشفيات العمومية، وبأعداد تفوق كبيرة لكل مؤطر وفي ظل غياب التجهيزات والمعدات اللازمة.
في ظل هذا الوضع، يكون مسلسل تدمير التعليم العمومي قد وصل المعاهد والمدارس ذات الاستقطاب المحدود بعدما كان قد مس المدرسة بأسلاكها الثلاثة و الجامعات المفتوحة، ولازال الرأي العام يتناقل قصص النقط مقابل الجنس والمال مقابل التسجيل في سلكي الماستر والدكتوراه.