عبد الصادق شحيمة
درس ونشر أعمالا عن أدب العصر الفيكتوري ،وعن اللغة وأيضا عن الأدي الإفريقي،
كان من أعضاء هيئة التدريس في جامعة نيروبي بكينيا لسنوات عديدة ،درس الإنجليزية
بجامعة لورانسيان Laurentian university بكندا .
- علي شلش: النقد في المجال الإفريقي خارج مجال العربية: الأقلام العراقية، عدد 11 الصفحة 100 .
- حكايات الزوكولوكوبامبا ص. 105.
بغض النظر عن مفهوم الزنوجة كحركة ثقافية وكنزعة عرقية لها علاقتها بالاستقلال والاستعمار، وبغض النظر عن مراحلها الثلاث كما تضمنتها دراسة إدغار رايت السابقة (مرحلة الثلاثينيات مرحلة ليبول سيدار سنغور القائل “إن الزنوجة هي مجموع القيم الحضارية للعالم الأسود كما يتم التعبير عنها داخل الحياة وفي أعمال وإبداعات السود، إنها الرغبة في أن يكون الإنسان الأسود سيد نفسه من أجل البروز و التفتح”.
المرحلة التي عبر عنها الشاعر أتوماكاني في قصيدة بعنوان “كل ما وهبتني إياه” يدعو فيها
إلى الاحتفاظ بالأصالة والذاتية الزنجية يقول فيها:
كل الذي وهبتني إياه يا إفريقيا
البحيرات والغابات والخلجان
كل الذي وهبتني إياه من ضروب الموسيقى
والرقص وحكاية الأنس الجميل حول
نار المصطلى
كل ما وسمتني به في جلدي
من مواد ملونة ورثتها عن أبي وجدي
فهي في دمي أبدا لا تنمحي
إضافة إلى مرحلة الستينيات (الزنوجة كحركة سياسية حقيقية)، ومرحلة الاستقلال السياسي كمرحلة ثالثة) أقول بغض النظر عن المفهوم ومراحله، تلعب الترجمة بصفتها تعريفا بالآخر وحضورا له، دورا كبيرا في ما سماه سنغور بالحضارة الكونية التي ينبغي
أن يشارك فيها العالم بدون تعصب أو عنصرية، لقد آن الأوان لبناء إنسية أصيلة في كليتها، إنسية صنعها البشر الموجودون فوق الأرض بعيدا عن التجاهل والاحتقار وإظهار الحقد.
وبناء على أن الحكايات العشر المتضمنة في المؤلف تندرج ضمن ما يعرف بالحكايات الكوسموغونية وهي حكايات تقدم إجابات عن سؤال الأصل كما أظهره المترجم محمد بوعابد، وهي غالبا ما ترتبط بالمعطيات الخرافية والأسطورية ،أؤكد على أنها الملمح المرتبط فيها بالأصالة traditionalisme، نتيجة للإحساس بالحاجة إلى التأكيد على الاختلاف والإقلاع عن ثقافة الرجل الأبيض.
عتبتا المقدمة والتقديم:
يبدو لقارئ الحكايات وهو يتصفح صفحاتها الأولى قارئا مقدمتها وتقديمها أن الأولى أي المقدمة نص ساهم به المترجم في ندوة المغرب الإفريقي في إطار الاحتفال باليوم العالمي للكتاب المنظم من طرف اليونسكو ووزارة الثقافة وجامعة القاضي عياض ومؤسسة آفاق وفندق مريديان نفيس يوم 23/4/2016 في حين أن التقديم كتب لحظة ترجمة الحكايات
في تسعينيات القرن المنصرم 1989-1993 بمدينتي المحمدية ومراكش.
1ـ تستوقف القارئ عند الصفحة 13 لغة عربية شفيفة في العنوان الفرعي للمقدمة تظهر
في كلمة الخلاسية المستمدة من الجذر اللغوي الثلاثي: خلس – خلس أي أخذ في نهزة ومخاتلة، والخلسة منه بالضم النهزة والخلاسي الولد بين أبيض وسوداء، أو بين أسود وبيضاء، والأنثى خلاسية، ليشير بناء على هذه الدلالة بأن الخلاسية هي ضمان مستقبل العالم، وأنا أضيف إلى ماورد على لسان المترجم محمد بوعابد، أن ماضي العالم وحاضره إضافة إلى مسقبله ، ولنا في قصة الحبشيات وزبيبة أم عنترة ابن شداد نماذج على سبيل المثل لا الحصر …
إن الهويات بمختلف أشكالها ومنها الهوية المغربية لا تنمو وتتبلور وتبدع وتبلغ مستويات من الإزهار و الازدهار إلا بالتمازج والتلاقح وجمع الاختلافات من أجل التعايش و التعارف .
2ـ المغرب شجرة إفريقية أوروبية : هو العنوان الفرعي الثاني في هذه المقدمة والتي يبدو فيها استفادة سي محمد من مناهج الدراسات اللسانية والسيميولوجية في اللحظة التي يمارس فيها نوعا من النبش والحفر الأركيولوجي في كلمات تثبث وتبت من خلالها العناصر المحددة والمشكلة للهوية المغربية في تعددها واختلافها وهي: أفوس- العيط- الگناوي- المگور
التي تؤكد مصادر تلك الهوية وهي المصدر الأمازيغي- والمصدر المشرقي المغربي، والمصدر الإفريقي لما وراء الصحراء الكبرى والمصدر المتوسطي. إن فن الدقة يشير المترجم هو الفن الذي تداخلت فيه هذه العناصر وتمازجت، وضمن هذا الإطار تتم الإشارة إلى انتباه الملك الراحل في قولته الشهيرة “المغرب شجرة تمتد جذورها في تربة القارة الإفريقية وتستنشق أفنانها هواء القارة الأوروبية.
-3 بالفرنسية عرفت وجهي الإفريقي هو العنوان الفرعي الثالث لهذه المقدمة، حيث فيما كان يعرف في اللغة الفرنسية بالقراءة المسترسلة lecture suivie تم التعرف على كتاب كبار من أمثال فيكتور هوجو، وهيكتو مالو ومؤلفه دون عائلة.
غير أن ما ظل يرافق المترجم محمد بوعابد منذ المرحلة الإعدادية هو السيدة جيزيل دوكشين وغرابة عنوان كتابها دلالة وصوتا.
الحكايات العشر في الكتاب تجري في فضاءات منها (نهر النيجر- مدينة واكادوكو- بعض الأجمات والأدغال ..)، الشخصيات بشرية وحيوانية، الرؤية السردية من خلف، وهي عموما تندرج ضمن ما يسمى بالحكايات الكوسموغونية كما أشرنا آنفا.