عبد الصادق شحيمة
لا أرغب في مصادر متعة ولذة القراءة ولهذا سأترك لكم متعة الاكتشاف صحبة أبنائنا وبناتنا من أجل اكتشاف هذا الأرخبيل الحكائي الجميل.
التقديم:
يعلن التقديم عن علاقة وطيدة ما برحت تكبر بين المترجم محمد بوعابد وهو تلميذ في الثانوي الإعدادي أو لأقل عن وقوع طريدة في شباك صياد، أو عن متيم أغرم بمعشوقة، الشيء الذي ترك المترجم يعود بذاكرته للوراء ليتذكر ونتذكر معه ليالي السمر، والاتكاء على ركب الجدات أو الخالات أو العمات من أجل الاستمتاع والاستماع إلى الحكايات والخبيرات، إضافة إلى ألعاب من مثل الدقة أو الهجوم على الأحياء المجاورة، أو قاقا غراب أو الطرومبية أو البي أو….
لقد ارتبط المترجم بالحكي والسرد وعوالمهما، وشكل كتيب الحكايات واحدا من أهم ما اشتملت عليه مكتبته، ولم يهدأ له بال لحظة ضياعه، إلا بعد أن عثر عليه صدفة في ثمانينيات القرن المنصرم، وما إن جلس يستمع إلى وقائع وأحداث شخصياته الآدمية والحيوانية حتى قرر ترجمته والعودة إلى حضنه الدافئ الحنون لينقل عبر وقائعه وأحداثه قضايا عاشتها القارة وما زالت، المجاعة القيادة، الأخلاق، القيم الخ…
بصدد ترجمة الكتاب :
تجدر الإشارة انطلاقا من قراءة الحكايات العشر المترجمة عن اللغة الفرنسية، إلى أننا بصدد نوع مخصوص منها، يتعلق الأمر بما يصطلح عليه بالترجمة الأدبية ،وغني عن القول ما يطرحه هذا النوع من مشكلات تنضاف إلى ما يتضمنه النوع الأدبي المترجم من خصائص يفترض أن يلم بها المترجم ،وتبقى مسألة المحتفظة عليها أو تغييرها وحذفها موضوع نقاش وجدال بين المترجمين وهو ما يعبر عنه مفهوم التطويع (أي جعل النص المترجم يتفق لغويا وأيديولوجيا وأسلوبيا مع المعايير المقبولة في السياق الثقافي المحلي الذي يترجم إليه )ومفهوم التغريب ( أي نقل النص بمكوناته المختلفة سواء اتفق أو لم يتفق مع الثقافة المحلية ) ،وأعتقد أن نجاح أو فشل ترجمة ما رهين بما يضفيه المترجم من عناصر إبداعية تقرب القارئ من استيعاب النص ،مع الانتباه إلى ذلك الخيط الدقيق الذي يفصل بين الإبداع والتأليف أو التصرف ،إذ غالبا ما تقع انزلاقات أو أخطاء لحظة التصرف في النصوص الأصلية .. ولربما كان الجاحظ من أوائل الكتاب العرب الذين أدلوا بملاحظات قيمة لحظة ازدهار الترجمة في العصر العباسي مع مدرسة حنين بن إسحاق حيث أشار إلى أن الترجمة – وهو يقصد ترجمة الشعر- لا يمكن أن تؤدى بأمانة كل ما في الأصل ،لتطلب ذلك أمرين كلاهما مستحيل التحقق :
الأول: علم المترجم باللغة التي ينقل منها على قدر علمه باللغة التي ينقل إليها.
والثاني علم المترجم بالموضوع الذي يترجمه على قدر علم المؤلف به.
( يتبع )