من اراد ان يناضل ويظهر للمواطنين صدق نيته ونزاهته وحرصه على مصالح المظلومين والمستغلين والمقصيين والمقموعين …لابد له ان يحدد اهدافه بدقة وان يؤسس نظرته لهذه الاهداف على اسس معرفية وفكرية ويقوم بصياغة خطاب منسجم ويستعد للبدل والتضحية ويكون قادرا على خوض سباق المسافات الطويلة، اما “التخربيق” و”هانا شوفوني كنخسر الهضرة” و”كنحنقز من كثرة الخفة” وجمجموا لي بكثرة واعينوني على الشهرة ونيل البطولة وحتى على باش ربح “فليسات من يوتوب” ….فكل ذلك يدخل في اطار القدارة، وقد يقود الى نوع من الاجرام الواعي او غير الواعي لما يتخطى حدودا معينة ويتم استسهال الخوض في قضايا شائكة لها صلة بالصحة العامة وبحياة الناس ويمارس التحريض البليد بعنترية تكشف الهوس بالذات النرجسية اكثر من اي شئ اخر.
استغلال البعض لشبكات التواصل الاجتماعي للترويج لكل انواع الشكوك في حملة التلقيح التي دعا الملك للاستعداد لها، والتي لم تبدا بعد، وفي اللقاحات نفسها التي اعلن عن التوصل اليها، واعتبرها مسؤول فايزر اكبر تقدم حصل في الميدان الطبي مند 100 سنة، يدخل في تقديري في نطاق السلوكات المرضية والهديان، عندما يغيب سوء النية، والممارسات الاجرامية الخطيرة، عندما تتاكد النية السيئة، و التاثر بالاخبار الزائفة والحملات الخبيثة، عندما يتعلق الامر بانسان يتملكه الخوف او بجاهل ويشل قدرته على الفرز والتمييز.
من يتصور، مجرد التصور، ان كل هؤلاء العلماء الذين اشتغلوا بالليل والنهار، والمغربي السلاوي تحدث عن 16 ساعة في اليوم، واستثمروا معرفتهم العلمية وخبراتهم المكتسبة في البحث العلمي الدقيق يريدون شرا بالبشرية جمعاء بلا مانع اخلاقي ولا ضمير مهني ولا حرص على السمعة ولا خوف من التبعات الجنائية او غير ذلك. يلزم ان يكون المرء على قدر كبير من الغباء. الاغبياء، من رتبة ماريشال في الغباء،وحدهم يستطيعون تصور ذلك واقل منه.
ومن يتصور ايضا، مجرد التصور، ان الشركات التي استثمرت في البحث عن لقاحات ضد فيروس خطير غزا العالم وفتك بمئات الالاف من البشر في اقاصي الدنيا وادانيها هي شركات ومختبرات يتولاها مجانين او مجرمين يتلددون بالقتل و التجسس وماالى ذلك مما يتم الترويج له، وان هذه الشركات تتصرف حسب هواها بدون قانون ولا معايير ولا اليات تقنين على مستوى الدول وعلى المستوى الدولي ولا تخشى لومة لائم. من يتصور ذلك، مجرد التصور، فهو يجمع بين الجهل والبلادة وقلة الحياء.
ومن يدر بخلده، ولو للحظة واحدة، ان اي دولة، كيفما كان نظام حكمها، يمكن ان تعرض كل مواطنيها البالغين لخطر جسيم باخضاعهم للقاح غير مؤكد الفعالية بدرجة عالية وغير مرخص باستعماله من طرف لجن علمية لها المعرفة والخبرة والقدرة على الترخيص باستعماله على نطاق واسع للحد من انتشار الوباء الفتاك والمربك للحياة العادية وللاقتصاد وغير ذلك، من يدر بخلده ذلك لابد ان يكون مصابا بما هو اشد من البارانويا والفوبيا او بامراض طفولية حادة عندما يخلط بين ما لايختلط ويرى في الترويج لاخبار زائفة او لافكار مجانين وحمقى نضالا او معارضة او ماشابه ذلك. فلا دولة، كيفما كانت وكيفما كان تصنيفها، يمكن ان تعرض شعبها للادى او تغامر بالصحة العامة، فاحرى الدولة المغربية.
عندما يتوفر اللقاح، ويثبت بالطرق العلمية والمساطر المعتمدة دوليا انه فعال ومن شانه انقاذ البشرية من هذه الجائحة الخطيرة على الوجود البشري، فلا بد ان تتخذ جميع الاجراءات اللازمة، القانونية وغيرها، كي يكون شاملا لجميع من يجب ان يلقحوا حفاظا على صحتهم وحياتهم وعلى صحة وحياة من يشاركونهم فضاءات العيش المشترك وعلى الصحة العامة التي تعتبر المسؤولية الاولى للدولة، والتي يجب ان تحرص على تحملها كاملة من الان فصاعدا بعدما انكشف ضعف الصحة العمومية خلال هذه الجائحة بشكل غير مسبوق. ولا بد ان يتم التجند خلال ذلك لمحاربة الاحاجي والخرافات والشعودة الرائجة في شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها بما يلزم من الحزم، لكن دون البقاء في حدود الزجر الذي يبقى اثره محدودا.
ذلك انه بات مطلوبا تكثيف التواصل مع المواطنين ببداغوجية مناسبة وباستعمال كل الوسائل، وبالخصوص بالاعتماد على العلماء ومصداقيتهم، كي يتم اقناع الجميع بجدوى التلقيح وايجابيته وما سيترتب عليه والرد على الخزعبلات التي يروج لها البعض، بمن فيهم مغرضين يريدون بالمغرب والمغاربة شرا ويتخفون وراء اقنعة لا تفلت من انتباه من ينتبه.
شخصيا، ولان سني يدخلني في دائرة الفئات التي يجب ان يتم تلقيحها، فانني ساكون من الاوائل الذين يقدمون على التلقيح متى توفر، لانني احب الحياة واميز بين الراي والنضال وبين المزايدات الفارغة، وساشكر اكثر من ذلك الدولة اذا نجحت في توفير اللقاحات للمغاربة في وقت مناسب وساكون بجانبها في مواجهة “اتخرميز” والجهل المركب والمزايدة الفارغة. هذا ليس موضوع خلاف او صراع، مواضيع الخلاف والصراع معروفة.
والتمييز.
محمد نجيب كومينة / الرباط