سجل تصريح الجمعية المغربية لحقوق الانسان ، المقدم خلال الندوة الصحفية التي احتضنها نقر الحزب الاشتراكي الموحد بمراكش، مجموعة من الانتهاكات والخروقات، وغياب النجاعة في البرامج المسطرة، منها :
عدم جاهزية مؤسسات الدولة في تدبير الكوارث في المناطق المتضررة من الزلزال، حيث نلمس غياب البرامج على المستوى الوطني موضوعة ومصممة لمواجهة الكوارث الطبيعية بصفة عامة، التي يشهدها المغرب،وضعف الإمكانات اللوجستية ووسائل التدخل و رجال الإغاثة و الإنقاذ المتخصصين خاصة على مستوى إقليمي الحوز وشيشاوة.
فيما يتعلق بمجال التدخل الاستعجالي، لتفادي ارتفاع الضحايا وإنقاذ الأشخاص من الزلزال فقد كان بشكل سريع منذ الساعات الأولى على المستوى المحلي من طرف الساكنة نفسها بامكانياتها الخاصة و المحدودة. بعدها تدخل الجهات المحلية أما التدخل المركزي فكان جد متأخر .
غياب التنسيق والارتباك في تقديم المساعدات للمتضررين
ضعف تدخل أجهزة الدولة لتقديم خدمات الايواء والغذاء للمتضررين مع تسجيل ارتفاع منسوب الدعم والمساعدات من طرف مختلف مكونات الشعب المغربي ومن جميع المناطق مما ساهم في تخفيف معاناة الساكنة في ظل استمرار تقاعس الدولة ومؤسساتها.
الشح في المعلومة الموثوقة من طرف المسؤولين وشبه تام لغياب الإعلام العمومي عن مواكبة تداعيات الكارثة، و فرض حصار اعلامي على المناطق المنكوبة خاصة بالمدينة العتيقة لمراكش و المناجم المنتشرة بالمنطقة.
عدم مواكبة الحكومة و وقوفها على سير عمليات الإغاثة والدعم المفروض القيام به بشكل استعجالي وبما يلبي حاجيات الساكنة.
على طول خريطة جبال الحوز وشيشاوة تنتشر الخيام البلاستيكية و البدائية المتناثرة على قارعة الطريق وعند سفوح الجبال و الوديان، وفي كل مخيم استغلت مساحة فارغة وضعت فيها مراحيض مشتركة على شكل أكشاك من البلاستيك أو الخشب، بعضها عبارة عن منحة من المكتب الشريف للفوسفاط أو الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية، والبعض الآخر عبارة عن أكواخ من الخشب والقصدير، تغلفها أكياس بلاستيكية بقاعدة إسمنتية تم ربط مجراها بقنوات الصرف الصحي أو بالمجاري المكشوفة دون احترام كرامة الانسان و خصوصية النساء و كبار السن و الاطفال. وكلما دخلت وسط المخيمات يمكن أن تكتشف حفر لتجميع المياه العادمة وتشتم انبعاثات الروائح الكريهة. أما الحمامات أو المياه الساخنة فمنعدمة في أغلبها خاصة بالمناطق المتضررة من إقليم شيشاوة حيث تضطر النساء للتنقل مسافات طويلة إلى مجاط للاستحمام .
بالنسبة لمدينة مراكش
قبل الزلزال
تراكم عدة اختلالات تنم عن سياسات تدبيرية للشان العام ممركزة على الحلول المناسباتية والاجراءات الترقيعية التي لم تحل مشاكل النقل العمومي ولا مطارح النفايات ولا المنازل القديمة الايلة للسقوط ولا الاختناقات المرورية ولا تثمين الثراث الحضاري للمدينة…فقط تناسلت عدة برامج باغلفة مالية مهمة مثل مراكش حاضرة متجددة وبرنامج تاهيل المدينة العتيقة، وبرنامج مراكش بدون صفيح… اي انعكاس ايجابي على تاهيل المدينة وتحسين جودة الخدمات والمرافق العمومية.
بعد الزلزال
تم الترويج على نطاق واسع للاماكن المؤقتة المخصصة لايواء المتضررين سواء في بنايات او خيام واختزل تدخل الدولة المتملصة من تطبيق قوانين المناطق المنكوبة على المدينة في ابعاد الساكنة عن الاحياء ذات مؤشر الخطر العالي بشكل متوازي مع انطلاق عملية احصاء المتضررين الذين فقدوا مساكنهم اما كليا او جزئيا. وقد تمكنت الجمعية من رصد وضعية تعايش الاهالي مع اثار الدمار في ازقة ضيقة لم تلجها سوى عربات الدواب لنقل ركام الاتربة والاحجار(الذي فوت ل 50 شركة ومقاولة مجهولة دون الإعلان عن الصفقات و اشهار مدة الإنجاز و التكلفة المالية لذلك) و ممرات أخرى اصبحت مستحيلة الولوج حيث كانت عمليات الإنقاد تتم بسواعد أبناء الأحياء فقط. ناهيك عن كون أحياء كانت متضررة قبل الزلزال وكانت محط اهتمام الجمعية حيث نبهنا في أكثر من مناسبة إلى ضرورة تفعيل آليات المحاسبة حول شبوهات الفساد والتلاعب في المال العام الذي طال برنامج تأهيل المدينة العتيقة مثل المحاور والممرات المؤدية إلى حي الملاح خاصة رياض الزيتون القديم الموقف قاعة بناهض ازبزط باب دكالة …التي تشكل أسوارها العالية الى حد الآن خطرا على المارة وعلى الساكنة بسبب الاعمدة و الدعامات الحديدية و الخشبية المثبتة على الجدران الآيلة للسقوط إضافة إلى استمرار انهيار المنازل المتشققة بفعل الزلزال من جهة المدخل الجنوبي للحي.
لقد كانت عملية إحصاء السكان ، التي لم تكن شاملة و متسمة بالزبونية و المحسوبية و الشطط، وبداية صرف تعويض لبعض الأسر وتخصيص أماكن الإيواء عناوين كبرى للإنجازات المراد تسويقها تحت مسمى السرعة في احتواء آثار الكارثة، لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير حيث أن العديد من المتضررين الذين فقدوا منازلهم تحملوا أعباء نقل الركام وفقدوا الأثاث والأمتعة والبعض الآخر من أصحاب المنازل المصابة بالشقوق طلب منهم البدء في عمليات الإصلاح حيث اعتبرت تلك الشقوق سابقة عن الزلزال مثل ما حصل في احياء تابحيرت والموقف والرحبة القديمة. أضف إلى ذلك كون الساكنة المكترية بشكل من الأشكال (كراء أو رهن) بقيت خارج الإحصاءات المتعلقة بالتعويض عن السكن.
أما في ما يتعلق بالمهن التقليدية و الورشات، فيصل عدد الحرفيين بمراكش حوالي 120 ألف صانع تقليدي، يشكلون 50% من الساكنة النشيطة بالمدينة، حسب بيانات غرفة الصناعة التقليدية لجهة مراكش-آسفي، كما أن نحو 80% من الصناع المشتغلين لا تتجاوز أعمارهم 40 سنة، الكثير منهم تضررت أعمالهم الحرفية برياض الزيتون ودرب ضبشي وبعض الأحياء بالسمارين هؤلاء الصناع تضرروا بسبب توقف |أنشطتهم الحرفية دون استفادتهم من أي تعويض.
وقد انتقل فريق الجمعية أيضا لمعاينة حجم الأضرار بباب الخميس وقشيش والرحبة القديمة حيث عبر مجموعة من المتضررين عن امتعاضهم بسبب إقصائهم من التعويض والبعض الآخر قيل له بضرورة تحمله تكاليف الإصلاح.
أما جانب الاسوار القديمة والمعالم التاريخية للمدينة فقد أظهر الزلزال حجم الجرائم المرتكبة في حق الثراث الإنساني العالمي حيث انهارت الأجزاء التي رممت دون مراعاة المعايير التقنية للترميم التاريخي.
بالنسبة لإقليمي الحوز و شيشاوة:
كان الوضع أكثر فظاعة و لا زال مستمرا إلى حدود صياغة هذا التقرير كالآتي:
تم إيواء الساكنة في شروط غير إنسانية باعتماد خيام بلاستيكية سرعان ما تلاشت أمام الظروف المناخية و الجوية بالمناطق الجبلية، أو اعتماد البناء المفكك ذو المساحة الضيقة و أحيانا شبيه بالغيتوهات كما هو الحال في ثلاث نيعقوب.
عدم تحديد أماكن ملائمة للبناء بالنسبة للدوواوير المدمرة كليا.
التمييز في ما يتعلق بالتعويضات عن السكن مع تسجيل إقصاء الأرامل و بعض الأسر.
اعتماد مبلغ ثمانون ألف درهم كتعويض لساكنة المنازل المنهارة كليا عوض مائة و أربعون ألف درهم مع إجبارها على توقيع عقود تحملها مسؤولية الهدم و إعادة البناء.(عدم اعتبار المنازل التي هدمت كليا، و إادراجها في التعويض ضمن المنازل المهدمة جزئيا)
عدم إشراك ساكنة الدواوير التي هدمت كليا و لم يعد موقعها صالحا للسكن و فرض حلول غير ملائمة لعيشهم.
أحيانا فرض إزالة الركام من قبل الضحايا مقابل استفادتهم من التعويض عن السكن.
غياب أي إشارة أو إجراء يهم حظائر الدواجن و الحيوانات الأليفة.
محاولة تحويل المأوى المؤقت إلى شبه دائم بالنسبة للدواوير التي استفادت من دعم الجمعيات.
غياب و ضعف التجهيزات المتعلقة بالنظافة و المرافق الصحية.
إجبار ساكنة الخيام على التخلي و عد استعمال آلات الغسيل و الثلاجات بدعوى ارتفاع استهلاكها للطاقة الكهربائية.
اهتراء الطرق بما فيها الطريق الوطنية رقم 7 الرابطة بين مراكش و تارودانت عبر الحوز مع صعوبة المسالك الطرقية.
وسجلت الجمعية غياب أية أشغال سواء المتعلقة بالطرق أو المرافق العمومية كالمؤسسات التعليمية و المستوصفات ( باستثناء هدم ثانوية آسني الـتأهيلية ).