تفويت ملايين الدراهم على سوق الجملة ،و المدينة تغرف في العشوائية و الفوضى
تحولت عدد من المحلات في أحياء مراكش الى مستودعات للخضر بالجملة توزع بضاعتها على تجار التقسيط من أصحاب العربات والدراجات الثلاثية التي اكتسحت شوارع المدينة وأعدمت فيها الطابع الحضري.
وتقصد هذه المحلات صباحَ كل يوم الشاحناتُ وسياراتُ النقل محملةً بالخضر والفواكه من أَجْناء الحقول والمزارع التي يتهافت على ثمارها تجارُ الغِلالِ الموسميون، ولا يُسَوِّقونها عبر أسواق الجملة تهرُّبا من المُكوس وآداء الرسوم الجبائية.
وتكاثرت هذه المحلات عبر تراب مقاطعات سيدي يوسف بن علي والنخيل وجيليز والمنارة التي تجتاحها قوافل المَرْكبات ذاتِ الحمولة من بضائع المنتجات الفلاحية لإفراغ شُحناتها أمام أعين رجال السلطة الموكولُ لهم فرض سلطة القانون بتحرير الملك العمومي وبمراقبة التوفر على التراخيص اللازمة لممارسة الأنشطة التجارية والاقتصادية وممارسة الوصاية الإدارية على المجالس المحلية في الاختصاصات ذات الصلة…
وإن تصرفات المسؤولين بالإهمال وغضِّ الطرف والتساهل تجاه هذه الظاهرة التي ما تفتأ تستفحل، تُفَوت على خزينة الجماعة مبالغ ضخمة من مداخيل سوق الجملة كما تصيب تجاره وبضاعته بالكساد والبوار.
كما تشجع اقتصادَ الريْع وتُشِيع في الجهاز الاداري ثقافة الفيْء في ظل مفهوم الفوضى الخلّاقة التي تتيح لكل ذي مسؤولية مغانمَ كثيرةً فيما بلادُنا تحتاج لتجاوز تداعيات الجائحة الى اقتصاد قوي يُحدث القطيعة مع الأنماط السائدة في الأنشطة التجارية والخدماتية وبعض القطاعات الانتاجية لاسيما في القطاع غير المهيكل.
وأصبحت الضرورةُ في مراكش، تدعو رجال الشرطة ورجال السلطة وأعوانهم والمنتخبين إلى تأمين المكتسبات الحضرية التي تحققت خلال شهور الطوارئ الصحية وفرض الحجر المنزلي وصونها لاستكمال مشاريع الحاضرة المتجددة بالتصورات المجالية الموافقة لتطلعات جلالة الملك في جعل مدن المغرب صورة تعكس العهد الجديد بالانفتاح والحداثة…
وعسى يكونُ الأمس القريب مُوَجها لمسؤولي المدينة في الإدارة الترابية ومنتخبيها في المجالس للانخراط بكل مواطنة في مشروع المغرب الممكن بعد كوفيد-19 من أجل إعطاء مفهوم الحاضرة المتجددة مدلوله الواقعي لتكون الأسواق كما في سالف عهودها المشرقة فائحة قطوفها دانية للذين يشتهون ويشترون والذين يشتهون ولا يقدرون، والشوارع نواصي للفسحة والبهجة والساحات للفرجة والمتعة والأحياء للتساكن والتعايش، والأسوار والحدائق شامات… ثم تعود مراكش لتاريخها قطبَ جذبٍ سياحيٍ للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وليس مجرد هيكلٍ في متحف الزمان يزوره سائح يعشق جمع الصور.
عبد الواحد الطالبي / مراكش