تقديم كتاب من غوايات المتفرد خوان غويتصولو إعداد وترجمة وتقديم محمد بوعابد .
عبد الصادق شحيمة
انطلاقا مما سبقت الإشارة إليه ، يخلص المترجم ونخلص معه إلى أن خوان غويتصلو يعد من أهم كتاب الغرب الأوربي ، ممن كان لهم ارتباط بالعالمين العربي والإسلامي فكرا ووجدانا وممارسة ،ولعله من القلائل الذين استطاعوا أن ينسجوا علاقات ويوشجوا علائق مع البلدان التي استقروا بها ،يتجلى ذلك ويبرز بكل جلاء في :
-مسعاه الحثيث لدى منظمة اليونسكو من أجل إعلان ساحة جامع الفناء تراثا إنسانيا شفهيا .
-كما يظهر في مجمل بحوثه ودراساته المؤكدة للأواصر الشديدة العمق التي تجمع وطنه إسبانيا بالعالم العربي وخاصة في مؤلفاته السردية الإبداعية (مقبرة – الأربعينية –أسابيع الحديقة –حصار الحصارات ).
-ناهيك عن انخراطه في الدفاع عن القضايا العادلة للشعوب المضطهدة والمهضومة الحقوق في فلسطين والعراق والبوسنة والشيشان .
بالانتقال من هذه الجوانب البيوغرافية المشكلة لإحدى عتبات هذه المقدمة ،يعرج المترجم إلى نمذجة لمجمل الكتابات التي اشتغل بها خوان غويتصلو والتي شغلت المجالات الثلاث الآتية :
-الكتابة السردية الإبداعية ،روايات ومجاميع قصصية
-الكتابة النقدية النظرية عن الأدب (شعرا أو رواية )
-الكتابة المنصبة على التاريخ تأليفا ودراسة .
الفصول المشكلة للكتاب :
عبارة عن أربع مقالات أولاها بعنوان هي من الصفحة 33 إلى 44 والثانية بعنوان خورخي لويس بورخيص والتراث الأدبي العربي من الصفحة 45إلى الصفحة 52 ،والثالثة بعنوان الإرث الأندلسي من وجهة نظر غربية من الصفحة 53 إلى الصفحة 60 ،والرابعة بعنوان القضية الموريسكية من الصفحة 61إلى الصفحة 68 .
وحواران اثنان أجراهما مع كاتبين كبيرين هما الفرنسي جان جوني من الصفحة 71 إلى 85 ،والألماني غونتر غراس من الصفحة 87 إلى الصفحة 131 .
ومقالتان نقديتان لأستاذة الأدب المغربي هيلر غولدنبرغ الأولى بعنوان قراءة متعددة لفضاء حضري ذي نزوع شاعري من الصفحة 133 إلى الصفحة 156 ،والثانية بعنوان إعادة قراءات لرواية مقبرة بلوغا إلى تأويلات مضاعفة من الصفحة 157 إلى الصفحة 177.
1-المقالة الأولى بعنوان هي كانت بمناسبة الذكرى الأربعينية لوفاة زوجته الكاتبة الأديبة مونيك لانج وهي مقالة تجسد فلسفة خوان غويتصلو في الحياة ،حيث أورد فيها على لسان الفقيدة سؤال التزام الكاتب ثقافيا وإبداعيا ،وهي مقالة سبق للمترجم أن نشرها في العدد الأول من مجلة المنارة التي كان يشرف عليها الشاعر إسماعيل زويريق .
2-أما عن المقالة الثانية بعنوان خورخي لويس بورخيص والتراث الأدبي العربي، فهي مقالة رصد من خلالها علاقة الكاتب الأرجنتيني بالتراث الأدبي العربي ،ومدى استفادته منه باعتباره من بين المصادر الكونية التي استوحى منها قصصه البديعة ،بخلاف مجموعة من الكتاب الغربيين المتنكرين لهذا التراث الواصفين له بالبساطة والسطحية .
3-وأما عن المقالة الثالثة بعنوان الإرث الأندلسي من وجهة نظر غربية فيرتبط موضوعها بالتراث العربي الأندلسي الذي تحصل لدى إسبانيا الحالية من ماضيها العربي، الماضي الذي تم التنكر له بنوع من التناسي المتعمد ،والصمت المقصود ،ويعتبر هذا الفصل صرخة مدوية في حق أندلس التعدد والتنوع والاختلاف في مستويات عدة : إثنية ولغوية لسانية ودينية ،وإشارة منددة ببناء أوربا المنغلقة على نفسها عوضا عن أوروبا حديثة ومنفتحة جغرافيا وسياسيا وثقافيا.
4-المقالة الرابعة بعنوان القضية الموريسكية عبارة عن قراءة أنجزها خوان غويتصلو لملف أنجزه المؤرخ الإسباني المقيم بأمريكا الشمالية – فرانسيسكو ماركيز فيلا نوفيا –وأصدره في كتاب درس فيه عددا من الكتابات الأدبية التي خلفها بعض المورسكيين ممن تم دمجهم… من قبل الثقافة الرسمية الإسبانية…
إلى جانب المقالات الأربعة يستحضر المترجم شخصية خوان غويتصلو المحاور الصحفي في حوارين اثنين مع قامتين أدبيتين :
الأديب الفرنسي جان جوني ،والأديب الألماني غونتر غراس .
تكمن أهمية الحوار الأول في اعتباره وثيقة تاريخية تعلن عن تبلور الوعي لدى عدد من أدباء الغرب الأوربي بالمعنى العميق لقضية الالتزام .فالحوار يكشف عن وجهة نظر جوني في انتمائه وجنسيته الفرنسية وفي مجال صراعه السياسي والثقافي والأدبي (انظر ص83 )
كما تكمن أهمية الحوار الثاني مع الأديب الألماني غونتر غراس في جانبين أساسيين :الأول منهما يتمثل في سيادة القطب الأمبريالي وسعيه الحثيث لبسط عولمة قيمه ، في حين يبرز الجانب الثاني في وضع الثقافة والإبداع ومسؤولية المبدع المثقف في ظل هذا الواقع .