آخر الأخبار

تقرير حقوقي حول الدخول المدرسي بمراكش – 1 –

دأبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، على تتبع الدخول المدرسي كل سنة للوقوف على مدى التقدم في إعمال الحق في التعليم، وتجاوز المعيقات التي تحول دون ذلك عبر تقويم السياسات العمومية واعتماد مقاربة استشرافية مبنية على المؤشرات.
وسنحاول في هذا التقرير الوقوف على العديد من الأعطاب المزمنة التي تمكنا من رصد بعضها، ونظرا لحجم الخصاص المتراكم منذ سنوات فإن التقرير لا يدعي الإلمام بكل الإشكالات والانتهاكات التي جعلت التعليم في بلادنا يتذيل سلم مؤشرات التنمية البشرية، ويبدو الأمر أكثر قتامة إذا علمنا أن جهة مراكش أسفي تعد ثاني جهة من حيث نسبة الأمية حسب المعطيات الرسمية، فالنسبة بها تتجاوز 38%من مجموع الساكنة حسب إحصائيات 2014، ومراكش لا تخرج عن قاعدة استمرار الأمية خاصة في المجالات الشبه حضري والقروي المنتشرة بمحيط واحواز المدينة وأحزمة الفقر المتاخمة للمدينة. ومما يعمق استمرار الأمية، ارتفاع نسبة المنقطعين من الأطفال في سن التمدرس، والهدر المدرسي في كل مستويات التعليم، خاصة عند نهاية الابتدائي والإعدادي، ويلاحظ التفاوت بين المجالين القروي والحضري بالنسبة للانقطاع والهدر إضافة إلى التفاوت المسجل بالنسبة للنوع الاجتماعي. ورغم البرامج المروج لها لمحاربة الهدر المدرسي وإعادة إدماج الأطفال في المنظومة التعليمية، فإنها تبقى ضعيفة المردودية وضمنها ما يسمى الفرصة الثانية التي حولت الحق في التعليم إلى فرصة لا تسمح بإعادة إدماج التلاميذ في المنظومة التعليمية، والتربية غير النظامية لأنها بكل بساطة لا تستوعب سوى 35% من الفئة المستهدفة، إضافة إلى ضعف آليات التقويم والتتبع والاقتصار على محطات مناسباتية، لكون الدولة تخلت على ما يبدو عن مهامها وفوضتها لجهات ضمن ما يسمى بالشراكات.
هذه المؤشرات تبين فشل نجاعة الأداء، خاصة مؤشرات الهدر المدرسي التي ما تزال تنخر منظومة التربية الوطنية رغم كل الملايير التي تم ضخها في ميزانية الأكاديميات.
إضافة إلى العديد من التدابير التي ظلت سدا منيعا أمام إعمال الحق في التعليم وفق قواعد التعميم، الجودة، المساواة، تكافؤ الفرص، وتسهيل باقي الخدمات التي تسمح للولوج للمدرسة العمومية. فاحتلال الجهة المرتبة الثانية وطنيا في آفة الأمية يقوي من المؤشرات السلبية على مستوى إعمال الحق في التعليم، إضافة طبعا لفشل السياسات العمومية في المجال وغياب النجاعة والتخطيط.
إن الحق في التعليم ليس فقط شعار يتردد، بل هو التزام من طرف الدولة وجب إعماله وفق اشتراطات متعارف عليها، وصادقت عليها الدولة المغربية وبالتالي وجب عليها الوفاء بالتزاماتها، فإلى أي حد يعكس واقع التعليم بمراكش هذا الالتزام ويحترم الحق في التعليم؟ وهل السياسة العمومية والتدبير الحالي والمقاربة المعتمدة قادرة لضمان الشروط الدنيا للعملية التعليمية والتعلمية وضمان الحق في التعليم؟
سنحاول من خلال تقريرنا الذي لا يدعي الشمولية الوقوف عند الاختلالات التي يعرفها تخلف تنزيل الحق في التعليم، وعدم استجابة المنجز للمعايير الكونية المتعارف عليها؟
وتتابع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش ، بانشغال كبيرة عملية الدخول المدرسي لسنة 2022/2023 بالمديرية الإقليمية بمراكش. وإذ تسجل بوادر الفشل والتعثر بادية منذ نهاية السنة الدراسية السالفة، فإن تعمق ذلك تبدو بوادره قائمة للمنشغلين بإعمال الحق في التعليم ، ويظهر من خلال التهييئ الارتجالي للمديرية والإصرار على تهميش وضرب مصداقية المدرسة العمومية وخلق نوع من الفراغ للتشكيك في جدواها وأدوارها والدفع في اتجاه النفور منها ،كلها عوامل إلى جانب ضعف بنيات الاستقبال والتأخير في إنجازها والنقص الحاد في الوسائل والمستلزمات الديداكتيكية والأطر الإدارية واطر التدريس .وقد حرصت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهي تواكب هذا الدخول, انسجاما مع مبادئها والتزاماتها في الدفاع عن الحق في التعليم، باعتباره من مشمولات حقوق الإنسان واحد المؤشرات المعتمدة في قياس إعمال الحق في التنمية وخاصة التنمية البشرية على التدخل في العديد من الملفات منذ بداية الموسم الدراسي عبر ما مجموعه 16 بلاغا وبيانا ، وعدة مراسلات موجهة للوزارة الوصية والمديرية الإقليمية بمراكش.