من واجب الحكومة ان تستمع جيدا للعلماء والسلطات الصحية قبل اتخاذ اي قرار في هذه الظروف التي يتقدم فيها حساب الصحة العامة او الحياة على ما سواه، لكن القرار السياسي لايمكن ان يكون ذو بعد واحد والا فقد وجود الحكومة جدواه وبات ممكنا ترك القرارات لتقنيي ومختصي كل قطاع من القطاعات واصبحت مختلف المؤسسات التمثيلية زائدة.
مناسبة هذا القول هو اعلان رئيس الحكومة عن تمديد الحجر والطوارئ الصحية لثلاثة اسابيع الذي ارى شخصيا، مالم تكن هناك معطيات لدى الحكومة لايعرفها الراي العام، انه قرار غير مناسب ولا يراعي جملة من الامور التي كان من اللازم اخذها بعين الاعتبار، سواء منها الاقتصادية او الاجتماعية او النفسية او الامنية او غيرها، كي لا يزيد الشئ عن حده فينقلب الى ضده.
فقد كان مطلوبا بكل تاكيد، من باب الاحتياط الواجب، تمديد الحجر الى ما بعد عيد الفطر، وحتى فرض حالة منع الجولان يوم العيد اذا دعت الضرورة، لكن اسبوعا واحدا كان كافيا،ولنقل عشرة ايام، على اساس ان رفع الحجر وحالة الطوارئ الصحية يتطلب الدخول في مرحلة اولى انتقالية في بداية يونيو، يستمر فيها منع الانتقال بين المدن، تليها مرحلة ثانية في منتصفه تتحدد معالمها بالمعطيات المجمعة خلال الاولى، وخلال المرحلتين يتم فتح الاقتصاد تدريجيا مع تكثيف المراقبة الصحية والتحليلات والالتزام بالتباعد الاجتماعي والكمامات، وهذا ما تبرره الحالة الوبائية نفسها التي لو انتظرنا وصولها الى R0 لتورطنا فيما لامخرج منه.
نعم لراي العلماء والاطباء، وحتى للنمذجة modélisation التي قامت بها مندوبية التخطيط رغم عدم توفر شروطها وتحولها والحالة هذه الى تيه في المجهول، لكن القرار السياسي مطالب بان يستحضر مجموعة من المتغيرات التي لا يمكن للتقني والعالم والطبيب استحضاره وبان يتعاطى وتعقيد الوضعية بافق اوسع وحساب لا تسيطر فيه الهواجس والتخوفات منظورا اليها بشكل خطي وحدها. ذلك اننا نحرص نحن ايضا على مكاسب تدبير المرحلة السابقة التي اوصلتنا الى عدد محدود من الوفيات وبقاء النظام الصحي قادرا على استعاب عدد المصابين وغير ذلك، ومن منطلق نفس الحرص نرى ان تدبير الخروج من الحجر الصحي يجب ان يكون منتظما ويجب، على الخصوص، ان يجعلنا جميعا كمغاربة، دولة وشعبا، نتبع نهجا قويما بعد رفع الحجر بقناعة شاملة ما امكن حماية للحياة والصحة العامة، ولا يحدث ما من شانه ان يبدد ما تراكم وما اكتسب.
وارى ان بامكان الحكومة ان تتدارك بعد العيد في ضوء المعطيات التي ستتطور فيما يتعلق بالحالة الوبائية والاستعدادات لتدبير ما بعد الحجر.
شخصيا لا افكر في نفسي، لان الحجر لايضغط علي والبقاء في البيت لمدة اطول لا اثر له على نفسيتي، لكنني افكر في الاخرين، ومنهم من يعيش في بيت ضيق تجتمع فيه اسرة متعددة الافراد، ومنهم من لايمكن ان تغطي مساعدات الدولة حاجيات اسرته…الخ، كما افكر في كل ما يمكن ان ينشا عن محاربة خرق الحجر من توترات وغيرها، “باش مانوصلوش للي احرث اجمل دكو” كما يقال. قد لايكون هذا الراي صائبا، لانني لا اتوفر على كل المعطيات الدقيقة التي استند اليها قرار تمديد الحجر لثلاثة اسابيع، لكن الغاية منه هي التنبيه على امل ان ننجح في كل المراحل ونجنب بلدنا كل سوء.
محمد نجيب كومينة / الرباط