محمد نجيب كومينة
البنك العالمي ينذر بالاسوا في السنة الجارية والسنوات المقبلة سواء على مستوى التضخم او على مستوى الانتاج او التجارة العالمية. توقعاته هذه تستند الى المعطيات الراهنة الناتجة عن حرب اكرانيا و الى نموذج modèle يعتمده.
هناك كثير من المؤشرات تدفع فعلا الى التخوف من عودة وضعية التضخم و الركود stagflation التي سادت في سبعينات القرن الماضي بعد فك ارتباط الدولار بالذهب والصدمة البترولية، التي كانت قد جعلت البترول يحل محل الذهب في دعم الدولار، لكن هذه المؤشرات ليست واضحة بما فيه الكفاية ويصعب جدا بناء توقعات على المدى المتوسط على اساسها لانها ترتبط بالسياسة اكثر مما ترتبط بالسوق والياته، واللعب في ملعب السياسة الان لا يتصل بوضع اكرانيا وحدها او حتى اوروبا، لانه يروم التاثير على موازين القوى عالميا في المستقبل بين الولايات المتحدة والصين التي تشمل البنيات التحتية العالمية و سلاسل الانتاج و التجارة الدولية وسلاسل الامداد والعملات التي دخلت مرحلة تحول كبرى من شانها ان تضعف الدولار.
التوقعات المتداولة يجب اخدها بعين الاعتبار على المدى القريب، لكنه لابد من الانتباه الى الاقتصاديين عجزوا دائما عن بلورة توقعات دقيقة، رغم استعمال نماذج اكثر تطورا اليوم، ومنهج التوقع méthode de prévision ابان عن عدم صلاحيته مند زمن بعيد، وعلى المدى المتوسط والبعيد يلزم كثير من الحذر، لان التوقع صعب ويختلط اليوم بحسابات استراتيجية وجيوسياسية، وذلك لتجنب اتخاذ قرارات متسرعة تنتج عكس المطلوب. ولابد من التنويه في هذا الاطار بحكمة مجلس بنك المغرب الذي لم يساير الاتجاه العام لرفع معدل الفائدة المديري عندما قرر ابقاء الامر على ماهو عليه في اجتماعه الاخير، لان قرار رفع معدل الفائدة المديري او اي قرار اخر يتعلق بتمويل الاقتصاد لن يحد من التضخم المستورد لكنه قد يدخل في مرحلة صعبة التدبير، وسيكون في الواقع، في ظل معطياتنا، مساير للدورة procyclique، وهو امر غير مقبول.