رحمان النوضة
تُوجِبُ «الأخلاق السياسية» على الأشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية في الاقتصاد، أن يفقـدوا الحق في أن يكونوا، في نفس الوقت، في مناصب قيادية في السياسة. بدون استثناء أي شخص كان في المجتمع. وَإِلَّا، سَيَـقَعُ هؤلاء الأشخاص على الفور في مواقف «تَضَارُب المَصالح» الصارخة. وانتشار حالات «تضارب المصالح» يؤدي بالضرورة إلى الاستبداد، والفساد (بالمعنى العام للاحتيال المتنوع)(2).
وعندما يصبح «تضارب المصالح» أمرًا شائعًا في الدولة، فإن هذا الواقع يثبت أن وجود «سُلُطَات مُضَادَّة» في المُجتمع قد غَدَى صعبًا، أو مستحيلًا. وَيُصبح أيضا التوازن فيما بين مختلف القوى المُجتمعية المتناقضة مُستحيلًا. فَتَغْرَق الدولة في الوقاحة. وَتَصِيرُ العدالة المُجتمعية مُدَمَّرَة. ويصبح من المستحيل إرساء «دولة الحَق والقانون». ويميل النظام السياسي القائم إلى أن يتسم بالاستبداد، والقمع، والفساد.
ويريد بعض فاحشي الثراء أن يتحوّلوا إلى سياسيين عُظماء، وإلى وزراء كبار. ولو أن ثـقافتهم السياسية والعِلْمِية تبقى مُنعدمة، أو ضَئِيلة، أو نَاقِصَة. ومثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (Donald Trump)، يميل العديد من مالكي المقاولات إلى الاعتـقاد بأن نجاحاتهم الشخصية في «عالم الأعمال الرأسمالية» تُثْبِتُ أنهم «هُم الأنسب لتحمل المسؤولية السياسية» في حكومة البلاد، أو في «حُكومة الظِلِّ». ويعتـقدون أنهم «مَوْهُوبُون»، أو «عَبَاقِرَة»، مُقَارنةً ببقية سكان البلاد. إنهم يؤمنون إيمانًا راسخا بأنهم «الأفضل في إدارة المُجتمع» ! وهذا الغُرور المُتَهَوِّر يَتَلَاءَمُ مع نَفْسِيَة الرأسماليّين، ومع طبيعة الرأسمالية. وبعض مالكي المقاولات لديهم هَوَسٌ أَهْوَج، يجعلهم يعتـقدون أنهم هُم دائمًا على حق، ضد كلّ بقية المجتمع. هذه هي ظاهرة النَرْجِسِيَة النَمُوذَجِيَة لِلرَّأْسَمَالِيِّين الذين يملكون المقاولات الكبيرة. ويعتـقدون أن مصالحهم الشخصية هي بالضرورة مصالح المجتمع بأسره. ومن الواضح أنه يستحيل الشِّفاء من هذا المرض العُضال.