قد يقول البعض أن هذا النوع من القوانين موجود في المغرب، لكن ما الفائدة من وُجوده إن لم يكن يُطَبَّـق ؟ وهل يُمكن تَـفعيل هذه القوانين في المغرب، حيث أن الملك هو نفسه من بين أغنى الرأسماليين في البلاد؟ إنّ أفضل طريقة للحدّ من تجاوزات السلطة السياسية الموجودة في المُجتمع، هي تـقسيم هذه السلطة السياسية إلى سُلُطَات صغيرة مختلفة، وَفَصْلُهَا عن بعضها البعض، وتحويلها إلى سُلُطَات مُضَادَّة مُحتملة، وَقَادرة على تبادل الانتـقادات، والمُعارضات، على أساس الفصل في التَظَلُّمَات عبر اللجوء إلى سلطة قضائية؛ ومن واجب أشخاص الجهاز القضائي أن يُناضلوا لكييَـكونوا مُستـقلين، وَمُحَايِدَين، ونزيهين، وعادلين. وهو ما لا يوجد بَعْدُ في المغرب.
يجب الحِرْص على اكتشاف حالات «تضارب المصالح»، وفضحها، ومحاكمتها، ومنعها، ومعاقبتها. يجب أن تمنع القوانينُ المُقَاوِلِينَ، ومالكي الشركات (سواء كانوا نشطين أو متـقاعدين)، من التَرَشُّح (في الانتخابات العامّة) لِمَنْصِب رئيس “الجماعة المحلية”، أو نائبه، أو عضو في البرلمان، أو وزير، أو منصب أحد كبار المسؤولين في الدولة. وَإِذا لم نفعل ذلك، فإن مُعظم المناصب السياسية ستصبح حتمًا مُحْتَلَّة من طَرف المُقَاوِلِين الرأسماليين، ذَوِي جَشَع غير محدود.
ويجب أيضًا منع «جماعات الضغط» (lobbying)، ومحاكمتها، ومُعاقبتها، لأن أنشطتها تتم دائمًا من خلال استعمال المَال، أو الرَّشوة، أو تبادل «مَدْفُوعَات مُتَـقَابِلَة» خَـفِيَة أو مُلْتَوِيَة. وللأسف، فإن الدولة الرأسمالية، غير قادرة على تحقيق هذه الأماني الديمقراطية. والأسوأ من ذلك، أن الرأسمالية تَمِيل دائمًا إلى إخضاع مُجمل الدولة لِلْخِدْمَة الحَصْرِيَة لِكبار الرأسماليين !
والحقيقة هي أن الرأسمالية لا يمكن أن تكون إلا دكتاتورية البرجوازية المُمَوَّهَة.
منطق الرأسمالية واضح: أولئك الذين يَغْتَنُون بشكل غير قانوني، أو غير أخلاقي، أو عن طريق مُمَارَسَة استغلال رأسمالي مُفرط، يُرَاكِمُون الثروات الاقتصادية؛ ثم يَـقْتَحِمُون الميدان السياسي؛ ثم يصبحون مُهَيْمِنِين في المُجتمع؛ ثم يَسْتَوْلُون على السلطة السياسية؛ ثم يَحْتَـكِرُون سلطة التشريع. ثم يُخضعون الدولة لخدمة مصالحهم الحصرية. وفي إطار هذه الظروف، يمكن تنمية بعض الثروات الشخصية لبعض الرأسماليين، لكن يَستحيل تحقيق “تنمية الاقتصاد الوطني” على أُسُـس التكامل، والتضامن، والعدالة المُجتمعية !
رحمان النوضة