محمد نجيب كومينة
َيرى بعض الفرنسيين، المشبعين بثقافة كولونيالية موروثة عن الاستعمار و الحريصين على ادامة الميثاق الاستعماري الذي وضعته فرنسا بعد اضطرارها الى تنفيذ القرار الاممي بانهاء الاستعمار وتجنبها لكلفة مواجهة المقاومات الوطنية، يرون ان بمقدورهم فرض وصاية دائمة على المستعمرات السابقة و التدخل لاعادة صياغة الخرائط الجيوسياسية حسب هواهم وو فقا لما يناسب مصالح و نفوذ فرنسا، بالخصوص في غرب افريقيا، ومن المثير والغريب ان من هؤلاء، بمن فيهم بعض المجنسين، يتغاضون عن حقيقة ان العالم تغير وان فرنسا قد فقدت الكثير من قدرتها على التاثير في المجال الذي كانت تعتبره مجالا لنفوذها بشكل حصري بسبب تغير العالم وتغير الدول الداخلة في هذا المجال، وهذا ما يقودهم الى انتاج ونشر افكار على قدر كبير من الغباء و التفاهة، وبغض النظر عن مرجعها ومصدرها، ومن ضمنها الفكرة التي دعا لها البعض في ورقة نشرت في جريدة لوموند والقاضية بتنظيم ندوة دولية حول النزاع الاقليمي بين المغرب والجزائر، واؤكد على النزاع الاقليمي لان الوحدة الترابية للمغرب حسومة ميدانيا و شعبيا و ماضية نحو الحسم بالاعتراف الدولي الذي جعله الاعتراف الامريكي يدخل منعطفا حاسما استوعبته اسبانيا، القوة المستعمرة السابقة لاقاليمنا الجنوبية وتصرفت في ضوئه وفي ضوء مصالحها الوطنية والاقليمية. وان تاتي هذه الدعوة اليوم بالضبط، مع علم اصحابها او من اوحى لهم بها، يثير شبهة الانخراط الغبي في لعبة استهداف للمغرب تتوالى فصولها من طرف بعض من يبدون تخوفا على الجزائر، التي تحول استغلالها للانفصاليين في صراعها مع المغرب الى ورطة، و توجسا من المغرب الذي بات منافسا لفرنسا في افريقيا، وهو التوجس الذي صار يعبر عنه من طرف السياسيين الفرنسيين ووسائل الاعلام الفرنسية المستخدمة اليوم بطريقة عالمثالثية في مختلف القضايا والصراعات الدولية وبشكل مسيئ لبلد سارتر وغيره . وعلى ذكر سارتر، فان اصحاب الدعوة الى الندوة المستحيلة، الا في حال وضعت فرنسا نفسها مكان الامم المتحدة ومجلس الامن واعتبرت قانونها فوق القوانين الوطنية والقانون الدولي، يوحون انهم يحيون فكرة المثقف المؤثر والفاعل التي تاسست بفرنسا في القرن التاسع عشر وجسدها سارتر بعد ذلك، و الحال ان زمن تلك الفكرة انتهى بعدما تلقفها المثقفون المزيفون، كما سماهم باسكال بونيفاس، و اساؤوا اليها وبعدما تغيرت فرنسا والعالم، وفضلا عن ذلك، فان سارتر او فوكو او غيرهم كانوا مستقلين واصحاب فكر مستقل. فكرة الندوة تافهة و غبية، وهذا ما يبرهن عليه بوضوح علي بوعبيد الذي يعبر عن راي مستقل يستحضر مشاكل مغربية تتطلب حلا مغربيا كي تغلق الابواب امام الاستعمال الانتهازي لها لخدمة اجندات بعيدة عن المبدئية المدعاة .