صدر للأستاذ عبد الله العلوي، كتاب بعنوان ” جماعة مخالفة و جماعات مجذفة ” يتم توزيعه حاليا بالأكشاك .
يتحدث الكتاب عن الفرق الإسلامية، أو التي تأثرت بالإسلام، أو التي حاولت التأثير عليه، من خلال جماعات تستند إلى عقائد كونية أو وثنية، وهدمه من الداخل بدعوى تحقيق العدالة، ومحاربة الذين استولوا على السلطة بالغصب في رأيهم، كان لهذه الفرق – التي يزعم البعض أنها تجاوزت السبعين فرقة- دور هام في التأريخ الإسلامي، حتى أن البعض اعتبرها علامات فارقة إيجابية تأثرا بالاستشراق أو بالماركسية، في محاولة لإقحام هذا الفكر باعتبار هذه الجماعات نواة اشتراكية، وهو ما لا يستقيم مع ظرفية نشوء هذه الفرق، وما قامت به من مذابح وانتقام، وكما فعل الزنج أو القرامطة. وهناك فرق أخرى تأثرت أو تأسست في أرض الإسلام، لكنها خرجت من الشرق ومن الدين ككل إلى الكفر مثل البهائية. وفرق أخرى تأثرت ببعض مظاهر الإسلام، مثل السيخية في الهند، والقاديانية في باكستان والهند.
حاول عبد الله العلوي في هذا البحث التركيز على جماعات: لازالت موجودة كالإسماعيلية، والبهائية، والدروز، والنصيريين، والسيخ، والقاديانية، وهي جماعات أو فرق مجمع على خروجها من الإسلام وكفرها وإلحادها، وأخرى اندرثا مثل البابية والبورغواطية لعلاقة الأولى بالبهائية، ولارتباط الثانية بالإسماعيلية.
حيث وضع المؤلف مقدمة عن الظروف التاريخية والعقائدية للشيعة ممثلة في الإمامة الإثنا عشرية، وهي جماعة إسلامية ذات بعد رفضي / سياسي، والله من وراء القصد.
ويذكر أنه كان لظهور هذه الجماعات تأثير عام في مراحل مختلفة من التاريخ الإسلامي، فقد نشأت بعد ظهور الإسلام ووفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، واختلاف الصحابة حول من يتولى الخلافة أو السلطة بعده. وبعد اجتماع سقيفة بني ساعدة في 632م، اتفقت غالبية الحضور من الصحابة على إسناد أمر الخلافة إلى أبي بكر الصديق –ض– بدل الإمام علي ابن أبي طالب –ض– الذي لم يحضر اجتماع السقيفة لاشتغال بني هاشم بجنازة الرسول عليه الصلاة والسلام، ومما زاد الصراع احتداما إثارة أبي بكر الصديق النزاع حول بستان فداك، وهو حقل اشتراه الرسول عليه الصلاة السلام لابنته فاطمة الزهراء –ض– نظرا للصعوبة التي كانت تواجهها معاشيا، فكلفت به شخصا على أساس اقتسام المنتوج، إلا أن أبا بكر-ض- صادره بدعوى أن الأنبياء لا يورثون. وزاد الصراع حدة الخطبة التي ألقتها فاطمة الزهراء -ض- من على المنبر بالمسجد النبوي وذكرت فيها أن أبا بكر –ض- ليس أهلا للخلافة. وقد توفيت بعد ستة أشهر وأوصت بدفنها ليلا، حتى لا يحضر خصومها (وعلى رأسهم أبو بكر وعمر -ض-) جنازتها. بعد هذه المرحلة خرجت إلى الوجود جماعتان: الأولى تمسكت بأحقية علي بن أبي طالب “ض” بالخلافة اعتبارا لمزاياه الشخصية ولقربه من الرسول عليه الصلاة والسلام، واستنادا إلى حديث الغدير الذي جاء فيه:«من كان علي مولاه فأنا مولاه»، ويروى الحديث بصيغة أخرى عند الإمامية «علي مني وأنا من علي وهو وليكم بعدي». وقد استدل فقهاء الإمامية على ذلك بما جاء في سورة المائدة: «إنما وليكم الله ورسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» سورة المائدة الآية 55. واتفقت الإمامية على أنها نزلت في الإمام علي –ض-، بينما اعترض البعض من أئمة السنة و على رأسهم الإمام ابن تيمية الذي أكد أن الآية غير مخصوصة بدليل عموميتها، قائلا في منهاج السنة «…. وأجمع أهل العلم بالنقل على أنها لم تنزل في علي بخصوصه، وأن عليا لم يتصدق بخاتمه في الصلاة».
أما الجماعة الثانية فقد اعتمدت قاعدة الأغلبية الحاضرة في اجتماع سقيفة بني ساعدة، وكون الرسول عليه الصلاة السلام والقرآن الكريم لم يضع أي منهما الخلافة في علي، وإنما “ترك أمرهم شورى بينهم”.
لقد كان هذا بداية فلسفة التأويل، التي تطورت مع بعض الجماعات الأخرى إلى تأويلات منافية للإسلام فيما بعد. ورغم ذلك، فإن هذه المرحلة تميزت بكون الصحابة حافظوا على تواصلهم و اتفاقهم على الحد الأدنى، مراعاة لصعوبة المرحلة و اتقاء لأي خلاف قد يؤدي إلى فتنة، ومع ذلك فإن وجود الحزبين قد استمر و استمر معه خلافهما. فحزب علي بن أبي طالب “ض” كان من أعضائه الكبار أبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود، وعبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر “ض” وغيرهم. وحزب أبي بكر الصديق “ض” كان من كبار رجاله: عثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب “ض“، وآل سفيان، وبنو حرب، الذين كانوا قد هجَّروا الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة، وانخرطوا بعد انتصار الإسلام بقوة مستفيدين من هذه الخلافات للاستيلاء على السلطة فيما بعد.