عبد الله العلوي
وقد ظهر أيضا في الاتجاه الشيعي فكرٌ جديدٌ وضع أسسه الإمام زيد بن علي زين العابدين، عرف فيما بعد بالزيدية. كان الإمام زيد الأخ الأصغر للإمام محمد الباقر خامس الأئمة الإثنا عشرية. وكان مثل أخيه الأكبر شغوفا بالعلم، يحضر مجالس العلماء مهما اختلفت مشاربهم. وتتركز نظرية الإمام زيد على جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل وبيان ذلك أنه رغم أن علي بن أبي طالب –ض- هو الأفضل، فإن تفويض أمر الخلافة لأبي بكر وبعده لعمر –ض-…. مصلحة رآها الصحابة، خاصة أن الشيخين أبا بكر وعمر لم يتعمدا ظلم آل البيت، و إنما اجتهدا. ومعيار الخلافة هو العدل، فالشيخان أسسا خلافتهما على العدل والشورى بعكس بني أمية الذين ظلموا، ولا قياس مع وجود الفارق، واختيار الصحابة في السقيفة لا يقاس على غصب بني أمية للسلطة وظلمهم للناس، واستيلائهم على الثروات وعدم توزيعها على المستضعفين، وتعيين معاوية لابنه. لذلك آمن زيد بكون خلافة أبي بكر شرعية، وأن الإمام لا يشترط بالضرورة أن يكون من آل البيت، مادام محققا لشروط الشورى والعدل، وموافقة المؤمنين. أما الإمامية الإثنا عشرية، فيعتقدون جزما أن الخلافة تحددت بأمر إلهي في الأئمة دون غيرهم، وتبعهم نظريا الإسماعيليون.
من هذا نستخلص أن الاتجاهين: السني و الشيعي الإثنا عشري، أسسهما آل البيت، وأضاف إليها فقهاء آخرون ومفكرون إضافات عديدة، حتى صارا اتجاهين متناقضين. في حين أنهما ينطلقان من منطلق ديني واحد، ولا يختلفان إلا في أمور سياسية، وفي بعض التفسيرات التي أساسها الخلاف حول الأحق بالسلطة. وكان للإمام زيد بن زين العابدين رأي جوهري في الموضوع، يعرف بالمذهب الزيدي، عرف طريقه إلى اليمن وبلدان أخرى، ويؤكد -كما سبق- على قاعدة المفضول والأفضل، وهو رأي كما يلاحظ أقرب إلى السنة، وأبعد من الإمامة الإثنا عشرية والاسماعيلية، يرفض مبدأ التوارث على حساب الشورى، وكون الأئمة معينين إلهيا كما تذهب الإمامية و الإسماعيلية. وقد توفي الإمام زيد شهيدا في معركة مع جيش بني أمية في عهد هشام بن عبد الملك الأموي سنة 740 م.
لقد تم وضع الأفكار الجوهرية للمذهب الإثنا عشري في عهد الإمامين: محمد الباقر وجعفر الصادق، فالأول أفتى بالتقية، والثاني وضع المذهب الجعفري، وهو المذهب الخامس في الإسلام، ولا خلاف عليه من فقهاء السنة بالإجمال. ومن أهم مبادئ الإمامية أنه لا يجوز أن يرث الإمامة بعد الحسن والحسين أخ عن أخيه، وتم حصرها في أعقاب أبناء الحسين “ض” فقط. وقد واجهت الإمامة الإثنا عشرية منعرجات عبر التاريخ، كان أهمها مرحلة مابعد جعفر الصادق في 148 هـ، ومرحلة ما بعد الإمام الحسن العسكري بدون خلف واضح. وكان الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (الذي توفي عام 260 هـ) بدون خلف واضح، لكن فقهاء الإمامية الإثنا عشرية سرعان ما تجاوزوا هذه المشاكل بالجدل الفقهي الذي تميزوا به…..وأكدوا أن الإمام الثاني عشر قد غاب ليعود فيما بعد حسب مشيئة الله، الذي سيفرج عنه في زمن ما.
وكان الأئمة الشيعة الإثنا عشرية، حسب الفكر الشيعي:
- علي بن أبي طالب ، توفي عام 40 هـ.
- الحسن بن علي بن أبي طالب، توفي عام 50 هـ.
- الحسين بن علي بن أبي طالب، توفي عام 61 هـ.
- علي زين العابدين، توفي عام 94 هـ.
- محمد الباقر بن علي زين العابدين، توفي عام 113 هـ.
- جعفر الصادق بن محمد الباقر، توفي عام 148 هـ.
- موسى الكاظم بن جعفر ، توفي عام 183 هـ.
- علي الرضا بن موسى الكاظم، توفي عام 202 هـ.
- محمد الجواد بن علي الرضا، توفي عام 220 هـ.
- علي الهادي بن محمد الجواد، توفي عام 254 هـ.
- الحسن العسكري بن الهادي، توفي عام 260 هـ.