عبد الله العلوي
وبعد وفاة الإمام الحسن العسكري ثار خلاف بين الإمامية الإثنا عشرية، فبعضهم قال إن الإمام لم يخلف أبناء. وكان على رأسهم أخوه جعفر، الذي سعى إلى أن يتقلد الإمامة، إلا أن الشرط الذي أوجب، أن لا يرث الإمامة شقيق أو أخ الإمام كان حائلا بينه و بينها. والبعض أكد أن الإمام خلف ابنا هو محمد المهدي، وقد أخفاه أبوه في سرداب حتى لا يتعرض للاغتيال من طرف بني العباس، كما جرى لعدة أئمة في العهدين الأموي والعباسي، مثل الإمام علي الرضا، الذي قيل إنه قتل في 202 هـ في عهد المأمون الذي كان عينه وليا للعهد، لكن غضب العائلة العباسية أرغمه على اغتياله لحل الإشكال بهدوء! وكانت قصة اختفاء الإمام الثاني عشر محمد المهدي في سامرا في سرداب بمنزل أبيه، قد تحولت عند الشيعة الإثنا عشرية، إلى عقيدة “الإمام الغائب” الذي سيعود ليملأ الدنيا قسطا وعدلا بعد أن امتلأت ظلما وجورا.
ويرى ابن تيمية في منهاج السنة النبوية ردا على الشيعية: «أن الإمامة ليست من الأصول، لأن التوحيد هو الأساس وليست الإمامة، وأن طاعة الله ورسوله لا تشترط حاضرا أو غائبا، إذ الحجية للأمة وليست للإمام، ولهذا لا ضرورة إلى إمام معصوم.».
فيؤكد:«هذه الأمة لا نبي بعد نبيها، فكانت عصمتها تقوم مقام النبوة، فلا يمكن لأحد منهم أن يبدل شيئا من الدين إلا أقام الله من يبين خطأه، فلا تجتمع على ضلالة».
لقد اعتبر البعض أن الأمر يتعلق بفرضية ليس إلا، فللخروج من الأزمة التاريخية التي نتجت عن وفاة الإمام الحسن العسكري بدون خليفة ظاهر، التجأ فقهاء الإمامية الإثنا عشرية إلى افتراض وجود إمام غائب، والخروج النهائي من الأزمات والإشكالات التي واكبت حصر الإمامة في أبناء الإمام الحسين فقط، ووفاة الإمام الحسن العسكري بدون ولد ظاهر. لقد أكد فقهاء الإمامة الإثناعشرية ومؤرخوها أن الإمام الحادي عشر( الإمام الحسن العسكري) خلف ولدا هو الإمام محمد المهدي الغائب / الحاضر، ومن هذه العقيدة خرجت جماعات عديدة اقتبست فكرة المهدوية متجاوزة الإمامية الإثنا عشرية إلى مفاهيم أخرى لا علاقة لها بالطرح الذي شرحه فقهاؤها ووضعوا أسسه. فقد تم استغلال الشيعية والمهدوية من طرف فرق ادعت الإسلام ظاهريا، ولها في الباطن أفكار أخرى، وبينما وضعت الإمامة الإثنا عشرية أسس فكرها في إطار الإسلام، استغلت فرق أخرى تلك الخلاصات الفكرية لأهداف لا علاقة لها بما قصدت إليه الإثنا عشرية. ومن الواضح أن الفكر الإثنا عشري لم يتبلور إلا في مرحلتي الإمامين: الباقر و الصادق. أما السلف الشيعي فقد كان يرى الخلافة في الإمام علي ابن أبي طالب “ض” وحده.