آخر الأخبار

جماعة مخالفة و جماعات مجذفة – 8 –

عبد الله العلوي 

لقد أدت هذه الإشكالات إلى أزمات في العقيدة الإثنا عشرية، خصوصا بعد وفاة الإمام جعفر الصادق (148 هـ)، والحسن العسكري (في 260 هـ)، كما استغلت جماعات أخرى خارج الإسلام، هذه العقيدة لتخريب البلدان الإسلامية، وتجاوز الحدود في المهدوية إلى التناسخ أو التقمص ونزول الإله مجسدا في أشخاص معينين عبر التاريخ. وأدى عدم ظهور الإمام خلال مئات الأعوام إلى أزمات فكرية جعلت فقهاء الإثنا عشرية يلجأون إلى التحليل والجدل الفقهي، الذي زاد الأمور غموضا، واستغل من البعض لأهداف سياسية و أحيانا مالية، بظهور أفراد و جماعات زعموا أنهم التقوا الإمام الثاني عشر وكلفهم بأشياء ما. ترى الإثنا عشرية أن ظهور الإمام مرتبط بالإرادة الإلهية، والأمر ليس بمقدوره           أو بمقدور شخص ما، وأن مرحلة ظهوره لم تأت بعد، والأمر موكول إلى الله. ومع مرور الزمن طرحت عدة نظريات لحل إشكال عدم ظهور الإمام الثاني عشر، كانت أهمها نظرية “ولاية الفقيه” التي جاء بها الإمام آية الله الخميني(توفي في 1989) والتي ترتكز على شرطين في الفقيه:

 

  • أن يكون عالما.
  • أن يكون عادلا.

وليس من الضروري أن يكون من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب “ض“، وهذا الفقيه يقوم بالواجبات التي توكل إليه على أساس المذهب الجعفري. ويقوم مقام الإمام الثاني عشر، وبهذه النظرية تم حل إشكال عدم ظهور الإمام، وأسست الدولة الإيرانية على قاعدة انتخابات شعبية مرتكزة على نظرية الإمام الغائب الذي يقوم مقامه الفقيه العالم العادل، وتسند فيها الأمور إلى حكومة إسلامية ترتكز على المذهب الجعفري، سواء في تسييرها أو في الأشخاص الذين تسند لهم مهامها. وقد عارض البعض من الشيعة هذا التوجه، لكن الغالبية وافقت عليه. خصوصا أن أيران الدولة الإسلامية/الشيعية الجعفرية الوحيدة في العالم الإسلامي وذات القوة البشرية والاقتصادية الهامة، قد انتهجته و سارت على هديه. وبالتالي فإن معارضة هذا التوجه لا تتجاوز جماعات صغيرة، لا تأثير لها على الغالبية الشيعية الإثنا عشرية التي حسمت عودة الإمام الغائب، باتخاذ نظرية ولاية الفقيه توجها ونبراسا، وتم وضع دستور بهذا الصدد، ووضع مؤسسات قضائية وانتخابية لاختيار الفقيه / الولي، وباقي أعضاء المؤسسات الأخرى كمؤسسة الرئاسة والبرلمان.