يتابع المكتب التنفيذي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب بقلق بالغ التدهور المتسارع للأوضاع العامة في البلاد، في ظل تفشي الفساد وتغلغله في مختلف مؤسسات الدولة، إلى جانب التراجع الحاد في مجال الحقوق والحريات، وهو ما اعتقد الجميع أنه أصبح من الماضي بعد تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أوصت بضرورة القطع مع ممارسات الماضي واحترام حقوق الإنسان.
وسجلت الجمعية، في بيان صادر عنها، تفاقم الأزمة الاجتماعية نتيجة الغلاء واحتكار الأسواق من قبل لوبيات اقتصادية تتحكم في الأسعار، وسط عجز حكومي عن التصدي لهذه الظاهرة. كما انتقدت ما وصفته بـ”سياسة تكميم الأفواه”، عبر تلفيق التهم وفبركة الملفات لإسكات الأصوات المعارضة للفساد والمطالبة بالعدالة الاجتماعية.
وأشارت الجمعية إلى تصريحات وزير العدل أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، التي أكد فيها رفضه أي تعديل قانوني يمنح الجمعيات الحقوقية وجمعيات حماية المال العام حق مقاضاة المسؤولين والمنتخبين، مقابل منح هؤلاء “امتيازًا قضائيًا”، معتبرة أن هذا التوجه يشكل ضربًا للحقوق المكتسبة وحماية لمصالح “مافيا الفساد”.
مطالب عاجلة لإصلاح الأوضاع
وفي هذا السياق، طالبت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب بجملة من الإجراءات العاجلة، أبرزها:
تخليق الحياة السياسية والرقي بمستوى الخطاب السياسي، بدل لجوء أحزاب الأغلبية إلى لعب دور الضحية والشكوى من الغلاء شأنها شأن المواطنين.
تحمل الحكومة مسؤوليتها الكاملة فيما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية، بسبب تفشي الغلاء وهيمنة فئة محدودة على الاقتصاد الوطني.
فتح تحقيق شفاف حول أموال الدعم المخصصة لاستيراد الأغنام واللحوم، والتي استفاد منها بعض المحظوظين.
الكشف عن مصير بحارة آسفي المختفين في أعالي المحيط الأطلسي، وإنهاء معاناة عائلاتهم.
وقف استنزاف الثروات الوطنية وتركيزها في أيدي فئة قليلة، في الوقت الذي يعاني فيه السوق الداخلي من نقص حاد.
سحب المادة 3 من مشروع القانون الجنائي التي تمنح المنتخبين حصانة قانونية، وضمان استقلالية النيابة العامة وحماية المبلغين عن الفساد.
إعادة تجريم الإثراء غير المشروع ضمن مشروع القانون الجنائي، تفعيلًا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ضمان استقلالية المؤسسات الدستورية مثل مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، واحترام تقاريرها.
وقف استهداف الصحافيين والحقوقيين وضمان حرية الرأي والتعبير، وفقًا لما التزمت به الدولة في المواثيق الدولية.
التنديد بجرائم الحرب ضد الفلسطينيين والمطالبة بإطلاق سراح المدونين والنشطاء المناهضين للتطبيع، ومنهم رضوان القسطيط ومحمد البوستاتس.
وأعربت الجمعية عن مخاوفها من أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدي إلى “احتقان اجتماعي غير مسبوق”، مشيرة إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة رباط الخير كنموذج لحالة التوتر المتصاعدة. كما نبهت إلى أن الأوضاع الحالية تعيد إلى الأذهان أجواء ما قبل احتجاجات 20 فبراير، التي خرجت للمطالبة بالعدالة والكرامة ومناهضة الفساد والاستبداد، قبل أن يتولى رموز هذه المنظومة مواقع المسؤولية، في ما وصفه البيان بـ”التحدي السافر للإرادة الشعبية”.
وختمت الجمعية بيانها بمطالبة السلطات بتحمل مسؤوليتها واتخاذ تدابير عاجلة قبل أن تنزلق الأوضاع نحو مزيد من التأزم، محذرة من أن “السياسات اللاشعبية” التي تعتمدها الحكومة قد تؤدي إلى “دفع البلاد نحو الهاوية