إدريس المغلشي
كيف هو حال الجنوب الشرقي من الوطن ؟ لانسمع اخباره إلا من خلال احتجاج عطش وقلة الماء أو نقيضه فرح موسم احتفالي للورد لايعود على المنطقة بالنفع بالشكل الكافي . الغريب أن أكثر المناطق تهميشا تبعث لنا في كل موسم رسائل ود وعشق وفية لانتمائها للوطن مهماتعسفت الظروف وعاكست الطموحات،ومهما بلغت قساوتهاتبقى جميلة بمناظرها الطبيعية وبطيبة أخلاق اهلها وكرمهم. المكان بعبقه السحري لايجادل إثنان في كونه جاذب للاستثمارات على قلتها وتحتاج لاهتمام مضاعف من اجل تأهيلها لتحقيق العدالة المجالية.كثير من المناطق بالمغرب ظلمهاالتاريخ والجغرافيا،وتعاني نقصا على جميع الأصعدة.
بمناسبة افتتاح موسم الورد بقلعة مكونة استفزني حوار غير متكافئ ومشهد يظهر مدى التفاوت بين المواطن البسيط المغلوب على أمره بعدما قهرته آلةالعبث وسوء التدبير ومسؤول لايجيد سوى الكرنفال والصور ولحظات سياحية مدفوعة الأجر من المال العام .هكذا هم قناصو الامتيازات ومحتكرو السلط في يوم يتيم يتفقدون الهوامش ليزينوا به حفلة السنة تحت انظار الجميع تتويجا لمجهود مضن ساهم فيه المواطن لوحده .آثار الضنك غير خافية على المحيا لكن العفوية في الكلام والطيبوبة بادية من السحنة واضحة تراها العين .
حين تختل موازين القوى بين طرفي الحوارفلاشك ان النتيجة لن تكون ايجابية على الأقل لأحدهما الأضعف بطبيعة الحال. الحوار الذي التقطته عدسات الكاميرا بين عاملة ورد بقلعة مكونة والسيد محمد الصديقي وزير الفلاحة الذي جاء من بعيد يجر وراءه سيرة حافلة بالأحداث والمحطات فهو الدكتور المتقلب بين الولايات المتحدة الامريكية دراسة وفرنسا وايطاليا تكوينا وعملا ليأخذ بعدعقد ونصف في الكتابة العامة للفلاحة والبر والبحر والصيد والقنص قصب السبق من سيده وولي نعمته اخنوش الذي عمر فيها كوزيرا خمسة عشر سنة ويزيد.ولازال فهو الفاعل الحقيقي في هذا المجال مهما اختلفت التسميات والوسائل . ليظهر في صورة احتفالية بئيسة وغير مدروسة تكرس منطق البروليتاريا المقهورة والمغلوب على امرها .فهم لايجيدون سوى قص الشريط واخذ الصور .ثم يغادرون المكان بعدما هجروه السنة باكملها مسلمين زمام الأمر لمسؤولين جماعيين أميون راكموا ثروة من عرق الغلابة وتسيدوا المنطقة ليصبح المواطنون خدما في ضيعاتهم، ويبقى السؤال المعلق نحو مصادرثروتهم التي ظهرت فجأة وبشكل مبالغ فيه وننتظر جوابا على السؤال المهم والمفصلي . من أين لك هذا ؟
لنفهم هذا الوضع المعقد ،إليك هذا المقطع من الحوار الذي يفضح هذا الاختلال بين المتواجدين في الأعلى في المركز والقابعين في الأسفل و الهامش :
الوزير لأحد مرافقيه : (غير صور ..! ) ويتوجه للعاملات مخاطبا مبتسما : تبارك الله عليكم ..!
احدى العاملات : شكرا …شكرا …شكرا كاملين ..!
الوزير : فوقاش كاتبداو الخدمة فالصباح ؟
العاملة : السادسة صباحا .
احد المرافقين للوزير يسأل هو الآخر : أو معاش كاتسليو ؟
احدى العاملات : السادسة …
أخرى : السابعة …
ثالثة : هناك نظام السوايع كانكملو مع الربعة ونزيدو السوايع.
وأجمل مافي الحوار الذي يترجم عيشة القهرة التي يعيشها هؤلاء العاملات ، ماقالته المتكلمة الأولى : بغينا غير الخضرة وليسيور. ) وهنا اتساءل اين ذهب زيت الزيتون؟ لم تذكره العاملة وهذا دليل واضح على شضف العيش .مابغيناش ( الشوا والعصير). فعلاترجمةفعلية لمعادلةالحوارهناك شعب (الخضرة وليسيور) وشعب آخر (الشوا والعصير ).
يختتم الحوار بزغرودات امازيغية جميلة مرفوقة بكلمة حاسمة تجسد ولاء الشعب لملك البلاد :
عاش الملك .عاش الملك .