محمد نجيب كومينة
َحبل الكذب قصير. مثال يتردد في كل اللغات وبكل اللغات الا لغة كابرانات الجزائر التي يصعب تصنيفها ضمن اللغات التي ابتدعتها البشرية و جعلتها خزانا لثقافاتها و لتجاربها، ولم تكتف باستعمالها في التواصل بين افرادها و جماعاتها.
كابرانات الجزائر لم ينتبهوا قط فيما يبدو لوجود هذا المثال كي يكفوا عن كذبهم، لذلك كرسوا كل قدراتهم العقلية لصنع الاكاذيب بدل صنع ما يفيد الجزائر الشقيقة وشعبها الشقيق و يخلق دينامية تنمية تؤسس لاقتصاد غير موجود بالاعتماد على الثروات الطبيعية التي تستخرج من باطن الارض وعلى التخطيط و الابداع و العمل المنتج والتعاون المثمر مع الجيران والشركاء.
لجوء الكابرانات و دماهم المتحركة الى الكذب فالكذب ثم الكذب تواليا يعود الى مشكلة خطيرة نشات بالجزائر مند الانقلاب على الحكومة الجزائرية المؤقتة من طرف بومدين الذي نصب بنبلة رئيسا مؤقتا، قبل ان ينقلب عليه، تتمثل في خلق شعور مرضي بان الجزائر التي ورثت عن الاستعمار مساحة كبيرة مقتطعة في جزء كبير منها من اراضي الجيران، و مليئة بالثروات الطبيعية، بمقدورها ان تستمر في لعب دور الجزائر الفرنسية الموروث عن الاستعمار وان تشكل تهديدا لجوارها و لقارتها، بل وان تفرض هيمنتها، وهذا ما يفسر استمرارها في تنفيذ مخطط قسنطينة الذي اعده الاستعمار حتى بعد نيل استقلالها المشروط، وان بطرق عشوائية وغبية.
لقد ادى ذلك الشعور المرضي، الذي استمر في التفاقم بفعل تراكم الفشل واستشراء الكسل، الى خلق اضطراب هوياتي، توجد اصلا عوامل فاعلة في توليده، بدل ان يخلق هوية و يضمن متانة وطنية و يكون قاعدة لتاسيس دولة غير فاشلة، والى العسكرة و تحول الدولة الجديدة الى رهينة لضباط فرنسا وجيش التحرير الذين استغلوا استقواءهم على السياسيين وعلى المجتمع مند اليوم الاول لممارسة النهب واشاعة الفساد و بناء اجهزة بوليسية ومخابراتية تحميهم و تشتغل وفقا لاجندة البلادة واهدار الموارد بلا طائل، وهو ما ادى كنتيجة منطقية الى ان الجزائر اليوم بلا بنيات تحتية وبلا اقتصاد و بلا افق للخروج من هذا الوضع الى الان.
الجزائر بلا بنيات تحتية ولا اقتصاد و لا مؤسسات اقتصادية او مالية او سياسية و بلا قدرة حتى على توفير الماء والدقيق و العدس والحليب وحتى قنينات الغاز والكهرباء ووسائل النقل …لمجموع الساكنة هي جزائر فاشلة اليوم بكل المقاييس ليس بالمقارنة مع الدول الصاعدة او المتقدمة، بل بالمقارنة حتى مع عدد من الدول الافريقية التي تتعامل معها بتعالي لا يقوم على اساس، و ترتيب الجزائرعلى المستوى الصناعي افريقيا وحده يكشف الباقي، فكيف سمح الكابرانات بالترويج لكذبة الالتحاق بمجموعة البريكس، بالاستناد الى الكذب وتزوير الاحصائيات والمعطيات المتعلقة باقتصاد جزائري يعرف العالم انه قابل للانهيار بسرعة البرق لو انخفضت اسعار المحروقات بشكل كبير، و كيف دفعوا برئيسهم الدمية الى السلوك الجنوني الذي رايناه لدى لقائه بالرئيس الروسي، لينتهي الامر باهانة مدوية بعد قبول عضوية ست دول جديدة في التجمع الناشئ ورفض النظر في الترشيح الجزائري الدعائي وغير الجدي. قبول اثيوبيا، المدعومة من طرف الصين، رغم ان ناتجها الداخلي الخام لا يتعدى 126 مليار دولار، هو مكافاة لدينامية تنموية تضررت من الحرب الاهلية لكنها لم تتوقف، ورفض الجزائر هو تعبير عن رفض الدول المؤسسة للبريكس للفاشلين في كل شئ. و اتصور ان المغرب لو ترشح لكان ملفه اقوى من اثيوبيا، لان الدول المؤسسة تعرف ليس فقط ديناميته الداخلية التي جعلت ناتجه الداخلي اعلى من الناتح الاثيوبي، بل ديناميته في افريقيا و قوة مؤسساته وشركاته وشراكاته وغير ذلك، لكن المغرب لم يفعل، و كان عدم الترشح لحد الان موقفا حكيما ومتلائما مع مصالح بلدنا،، مع العلم ان عدم دخوله للبريكس لا يمنعه من علاقات جيدة مع المجموعة ومع الدول المشكلة لها، خصوصا وان عدد اصدقائه بها بعد التوسيع اكبر، وهو ما يقلص اثر دخول جنوب افريقيا سنة 2010 .