محمد نجيب كومينة
َحدث بالغ الاهمية ستنتج عنه معطيات وتطورات ديبلوماسية وغيرها غير مسبوقة في العلاقة بين الجارين: المغرب واسبانيا، من شانها ان تغير الكثير من الامور سواء في العلاقات المغربية-الاسبانية او في مسار حل النزاع الاقليمي الذي يؤججه نظام الجنيرالات في الجزائر عبثا و ايجاد الحل المناسب الذي يؤكد سيادة المغرب على اقاليمه الجنوبية. ذلك ما يمكن قوله بشان رسالة رئيس الحكومة الاسبانية الى ملك المغرب، التي كشف عنها النقاب في بلاغ للقصر الملكي، وفي بلاغ وزارة الخارجية المغربية ثم في بلاغ الحكومة الاسبانية الذي اكد ما جاء في بلاغي القصر الملكي ووزارة الخارجية المغربية واعلن عن زيارتين قريبتين لكل من وزير الخارجية الاسباني ثم لرئيس الحكومة الاسبانية الى المغرب بغرض وضع خارطة طريق للعلاقات المستقبلية بين المغرب واسبانيا.
تاكيد الدولة الاسبانية على اعتبار مخطط الحكم الذاتي المقدم من طرف المغرب هو الاساس الاكثر جدية وواقعية و مصداقية لحل نزاع الصحراء يعتبر متغيرا استراتيجيا، في حجم الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء و اعتبار الولايات المتحدة مخطط الحكم الذاتي الاساس لاي حل ممكن للنزاع الذي جاءت نائبة كاتب الدولة الامريكي لتؤكده بصريح العبارة، رفعا لكل لبس او تاويل خاطئ، لدى زيارتها للمغرب والجزائر مؤخرا، واكده التقرير المرافق للميزانية الامريكية التي اشر عليها الرئيس بايدن مؤخرا ايضا، حيث تعد الميزانية في الولايات المتحدة من طرف الكونغريس وليس من طرف الحكومة وللرئيس حق التاشير والقبول او الفيتو فقط.
و تكمن اهمية الموقف الاسباني هذا، الذي عبر عنه بشكل ضمني ملك اسبانيا لدى استقباله مندة مدة للسفراء في غياب سفيرة المغرب، وعبر عنه سياسيون اسبانيون عقلاء ذوي نظرة بعيدة، ومن ضمنهم رئيسا الحكومة الاشتراكيين السابقين غونساليس وساباتيرو ، تكمن في كونه يصدر عن المستعمر السابق للاقاليم الجنوبية المغربية الذي يعرف حقائق المنطقة وتاريخها و يعرف ان المشروع الانفصالي، الذي ورثه جنيرالات الجزائر كما ورثوا منطق الجزائر الفرنسية الاستعماري، هو في الاصل مشروع اسباني و يعرف كذلك ان الرجوع الى الوراء وفصل المغرب عن صحرائه او الصحراء عن مغربها من المستحيلات وان التطورات الجارية اقليميا ودوليا تجعل ذلك المشروع الانفصالي يتجه نحو الانحدار النهائي و الاختفاء، وان الجزائر نفسها التي حاولت ان تستعمل ذلك المشروع كحجرة في حداء المغرب، لعرقلة تنميته وازدهاره و للحيلولة دون مطالبته بالاراضي التي الحقها الاستعمار الفرنسي قهرا بالجزائر، قد صارت رهينة لهذا المشروع الذي بات يهددها داخليا في استقرارها ووحدتها و سمعتها الدولية، خصوصا مع هذا القدر من الجنون الذي ظهر مند تولي الجنيرال شنقريحة لقيادة نظام الجنيرالات في السلوك السياسي والديبلوماسي للجزائر المتمحور اليوم حصريا حول حقده على المغرب، وهو الذي بينت المعلومات التي تم الكشف عنها انه كان على علاقة بمهربي المخدرات به لزمن طويل.
الموقف الاسباني ياتي مطابقا في جوانب منه للموقف الفرنسي، الذي اقتربت منه ايضا المانيا بعد الازمة السابقة، و للموقف الامريكي في جوانب اخرى، و صيغة الحرص على الوحدة الترابية للبلدين الواردة في رسالة شانشيز لها دلالة مكملة لدعم مخطط الحكم الذاتي، المستوحى اصلا من اسبانيا، ومن شانه ان يخلق اثارا ذات اهمية كبيرة على مسار الاحداث مستقبلا، ليس فقط على المستوى الديبلوماسي بل وايضا على الارض، لان لاسبانيا تاثير مستمر على الانفصاليين، الذين استفادوا طويلا من دعمها المادي والمعنوي وحاز عدد كبير منهم جنسيتها و قاموا بمختلف الممارسات العدائية ضد المغرب فوق ترابها، وصولا الى العنف ضد التمثيليات الديبلوماسية والاشخاص. ذلك ان هذا الموقف الصريح والواضح، الذي ترافقه مجموعة من الالتزامات، يدق مسمارا اخر في نعش المشروع الانفصالي و يجعل رعاته و مستخدميه والمراهنين على اثره على المغرب وعلى التوازنات الاقليمية و المعطيات الجيوسياسية، التي تنفلت منهم وتتقدم بعيدا عنهم، يدخلون مرحلة ياس مطلقة لن تستطيع السلوكات الهستيرية التي ستتفاقم و التصريحات الغبية، التي لا تليق بمسؤولي الدول، ان تخفيها عن انظار الشعب الجزائري الشقيق الذي لا يفلت فرصة كي يؤكد انه ضاق درعا بالعبث المتواصل .