آخر الأخبار

حركة المقاومة بمراكش – 1 –

عنر المتوكل الساحلي 

تقديم:

انتفاضة شعبية أصيلة وثورة تحريرية صادقة كانت هي حركة المقاومة لجيش التحرير التي تفجر بها الشعب سنوات – 1956 من أجل تحرير البلاد من الطغيان الاستعماري والخيانة والعمالة ومن أجل تحقق الاستقلال الذي كان منتظرا أن يكون أداة لاستكمال تحرير الشعب المغربي وكل أبنائه من القهر والظلم والاستغلال، وبناء اقتصاد وسياسة وتعليم بناء تحرريا وتطور يا جادا.

كانت المقاومة وجيش التحرير في مقدمة الواجهات من حياتنا الوطنية، التي نالها الانحراف والتزييف والتشويه بعد الاستقلال، وغمرها الدخلاء والمدسوسون والمشبوهون بمقدار ما عبرتها المصلحية والانتهازية، وتحولت أو كادت إلى ميدان للمضاربة والامتيازات والحصول على أكثر ما يمكن من الغنائم، وكادت تتجرد من مضمونها الثوري السليم، ومعناها وصفتها كقوة وطنية للتحرير والتضحية بالعمل المجيد في سبيل الله ومن أجل الوطن وحرية المواطنين وكرامتهم وسعادتهم.

ولذلك وخدمة لأهداف معينة، ومنذ أوائل الستينيات، غرقت المقاومة بسيل من الإضافات والزوائد والاتهامات سربت كلها، إلى الحركة تحت شعار المقاومة والتحرير وتحت سحب من الادعاءات والمزاعم في أعمالها وأحداثها وعلى صور وأحداث لا أصل لها ولا وجود. أو بالترامي على عمليات فدائية مشهورة. قام بها مقاومون معروفون وتبنيها وادعائها بهتانا وزورا

ولهذا لا غرابة إذا بلغت الملفات التي قدمت باسم المقاومة أكثر من 80000 ملف منهم بالطبع عدد ضخم من المدسوسين والعملاء للاستعمار ، حتى الخونة والباطرونات والشيخات تسلموا أوراق عضويتهم في المقاومة وجيش التحرير، وتسلم العديد منهم امتيازات ومكافئات، فاختلط الحابل بالنابل وامتزج الصالح بالطالح والصحيح بالمزيف، والسليم بالمشبوه، ما جعل عددا هاما من رجال المقاومة الحقيقيين يأنفون من الانحشار مع هذا الخليط المشبوه الذي لا أول له ولا آخر، فأحجموا عن تقديم ملفاتهم طيلة الستينيات وإلى ما بعد أوائل السبعينيات.

وكان أن دارت الأيام، وتبينت حقيقة الوضع المتردي الذي انتهى إليه أمر المقاومة، وعواقب الخلط الذي هوت إليه أوضاع رجالها ، صدرت الظهائر والمراسيم من جديد بإعادة تنظيم المقاومة وجيش التحرير وأنشئ مجلس وطني مؤقت، ومكتب وطني متفرع عنه، وأنشئت إلى جانبها لجنة وطنية من عناصر مقاومة حقيقية، أسندت إليها مهمة تصفية ملف المقاومة وجيش التحرير ومراجعة كل الملفات المقدمة وتنظيفها من كل من اندس إليها من زوائد وطفيليات، وذهبت اللجنة بالفعل في مهمتها أشواطا، وأخذت أمرها بكثير من الحزم والموضوعية وأقصت الآلاف من المدعين والمندسين من مختلف الأقاليم.

وجاء دور اقليم ،مراكش، حين تم افتتاح عمل اللجنة الوطنية المذكورة يوم 25 شتنبر 1978 بمقر العمالة في حفل رسمي، وبمحضر كل من المندوب السامي، ورئيس المجلس الوطني للمقاومة.

وفي اليوم الثاني، الثلاثاء 26 شتنبر) ألقى الأخ الأستاذ عمر الساحلي، عضو المجلس الوطني للمقاومة، عرضا عاما عن حركة المقاومة بمراكش والإقليم. استعرض فيه فرق المقاومة السرية العاملة آنذاك وفي مقدمتها فرقة الشهيد والبطل العظيم المغفور له حمان بن مبارك الفطواكي، مثلما استعرض الأستاذ عمر بموضوعية ودقة ، العمليات الفدائية التي أنجزتها كل فرقة.

الجدير بالذكر، أن العمليات التي أنجزتها المقاومة بمراكش، تمتاز بانها عمليات كانت في منتهى الدقة والتأثير السياسي، إذ أنها استهدفت أساطين الاستعمار وعملائه الجنرال كيوم – ابن عرفة – الجنرال دوتفيل رئيس الناحية) – المندوب مونى – والكومندان تيفا – الباشا الجلاوي – وعبد الحي الكتاني والقبطان الأعرج وغيرهم.

وكان واضحا أن الإقامة العامة كانت تركز على مدينة مراكش ولا زالت) باعتبارها مدينة تشكل من جهة، بوجود الباشا الجلاوي مركزا هاما من مراكز الإقطاع التقليدي، ومن جهة أخرى كمدينة تقليدية تصلح مركزا لحبك المؤامرات وانطلاقها. فتقرر بالفعل أن تكون مراكش مدينة لتنصيب الدمية الاستعمارية ابن عرفة والذهاب بالمخطط الاستعماري إلى نهايته.

لهذا كان رد فعل المقاومة الشعبية، وفي مراكش بالذات، في مستوى ما أريد أن تكون مراكش مركز له، وكانت العمليات الفدائية الموجهة من قبل فرق الشهيد الفطواكي من الدقة وحسن الاختيار وبإصاباتها لأساطين الاستعمار وعملائه الكبار، بحيث روعت الأوساط الاستعمارية، وساهمت مساهمة مباشرة في تغيير ميزان القوى السياسي لصالح الشعب المغربي ،ومقاومته، وأثرت في كسر شوكة الاستعمار، وتطويعه للتنازل السريع نحو الاعتراف بالاستقلال بعد وقت قصير، وجاء ميلاد جيش التحرير في ثاني أكتوبر 1954 في الشمال فقلب الصفحة الاستعمارية وعجل بالاستقلال.

وافق الحاضرون على عرض الأستاذ الساحلي بعد نهايته بالإجماع، ومع أن الرئيس، تساءل عن أي ملاحظة أو اعتراض، لم يتقدم أحد بشيء وتتميما للفائدة ورغبة في تعريف الجمهور المغربي والشباب منهم بصفة خاصة، بصفحة رائعة من صفحات الكفاح الثوري، التحريري، الذي قام به مواطنون من أبناء الشعب الأوفياء نقدم نص العرض المذكور، ولو أنه مركز وموجز، فإنه بموضوعيته، يقدم صورة عامة عن الحركة الفدائية الرائدة للمقاومة الشعبية والمقاومين الشعبيين بمراكش المناضلة.