تكتسي المقابر الإسلامية بالمغرب أهمية دينية و روحانية كبرى كما هو الحال في سائر المجتمعات الإسلامية قاطبة. و ترتكز هذه الأهمية في كونها تعد فضاء دينيا يضم قبور المسلمين صغارا و كبارا و تعد أيضا معلمة دينية حيث أنها تحافظ على أموات المسلمين و تضمن صلة رحم بينهم و بين الأحياء عبر طقوس دينية توحي بتقديس الميت و احترام حرماته و مباركة جسده و روحه. و قد ساهم المشرع المغربي في إعطائها المكانة الدينية اللازمة و جعلها وقفا دينيا تابعا لوزارة الأقاف و الشؤون الإسلامية حماية لأرضها و مباركة لأرواح مدفونة فيها، فلا يحق لأي كان التلاعب بفضاءاتها و لا يحق لأي كان التطفل على رفاث القبور إلا باحترام القانون و ما يلزم بالتعامل معها بقدسية لا شك فيها.
غير أن ما يتعلق بأمرها في مدينة دمنات يثير الكثير من الغرابة. فحجم الهجوم التي تشهده جميع مقابر المسلمين بهذه المدينة يثير الكثير من الأسئلة حول دور نظارة الأوقاف في الإعتناء بها و الدفاع عن حرماتها. فكما يبدو عبر هذه الصور التي توثق لأفعال أقل ما يقال عنها ضرب لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف في إيلاء قبور المسلمين الوقار اللازم و الابتعاد عن فضاءات المقابر تكريما لأجدادنا و أرواحهم بهذه المدينة. إلا أن أغلب هذه الصور توثق لأعمال هجوم كاسح على المقابر و استغلال فضاءاتها دون احترام الأمتار القانونية المحيطة بها. بل إن الكثيرين أصبحوا ينكلون برفاث المسلمين أمام سكوت القيمين على الشأن الديني بمدينة دمنات أو بمباركتهم مقابل مصالح لا يسعنا ذكرها إحتراما لحرمة الأحياء قبل الأموات. و من خلال هذه الصور ندعو القيمين على الشأن الديني و المسؤولين بالأوقاف و الأحباس إلى التدخل العاجل للفصل في هذه الجرائم التي يحاول البعض استغلالها لأغراض شخصية و مصالح عائلية تذر عليهم مداخيل غير شرعية. و ندعوهم إلى زيارة المقابر بدمنات و تقديم أجوبة على الخروقات القانونية التي ساهم فيها هؤلاء بعد غظهم الطرف عن التنكيل بأموات المسلمين دون استحضار حجم الأثر النفسي الذي سيتركه ذلك على نفسية عائلاتهم و أقاربهم.
و من جهة أخرى، يتساءل سكان مدينة دمنات عن الدافع الحقيقي وراء تدخل نظارة الأوقاف في مشروع سيضفي جمالية على فضاء المقبرة و يساهم كذلك في جمالية محيطها. و نتساءل عن نية هذه المؤسسة الموقرة من خلالها استهتارها بجميع المقابر بحيث أنهم لم يستطيعوا الخوض في خروقاتها حتى تجاوبت الجهات المختصة مع طلب ساكنة دمنات فتح ممر يربط بين مقبرة الغرباء و السور المحاذي لها و الذي ترامت عليه نظارة الأوقاف بشكل غير قانوني بعد أن شهد جميع النشطاء بتواجد ممر في المكان المذكور و عن تواجد ساقية محاذية للسور حتى زمن قريب. و إذ نطالب بإيلاء مقابر المسلمين العناية التامة و الوقار اللازم، نطالب أيضا نظارة الأوقاف إرجاع الأمتار المنهوبة دون وجه حق. بل أكثر من ذلك نطالب وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية فتح تحقيق نزيه و عميق و إيفاد لجن وزارية للوقوف على الأمر و حث مصالحها التابعة جهويا لمدينة مراكش على التجاوب مع مطلب الساكنة.
عبد اللطيف بوغالم