أفاد بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل 20 نونبر 2019، أن هذه الأخيرة تخلد اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي يصادف هذه السنة الذكرى 30 لصدور اتفاقية حقوق الطفل، في ظل عالم يعيش فيه الأطفال تحت تهديد انعدام الاستقرار، وعدم المساواة والتمييز، والعنف والحرمان من الحقوق؛ وهو الوضع الذي يزداد استفحالا في مناطق النزاعات المسلحة والحروب وفي مقدمتها فلسطين، التي لا يستثني فيها الاحتلال الصهيوني الأطفال في حربه العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، بحيث تسجل أعداد ضحايا الاعتقال والتعذيب والمحاكمات التعسفية والتقتيل، تصاعدا مستمرا وهي جرائم تستهدف الأطفال بشكل كبير.
وفي المغرب، فرغم مصادقة الدولة المغربية على اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الثلاثة الملحقة بها، فإنها لازالت بعيدة كل البعد عن ملاءمة التشريعات الوطنية مع أحكام ومقتضيات هذه الاتفاقية الدولية، بالإضافة إلى تماطلها في تنفيذ التوصيات الختامية الصادرة عن اللجنة الأممية لحقوق الطفل. في حين صادق المجلس الحكومي على “عهد حقوق الطفل في الإسلام” في خرق للالتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الطفل وفي تناقض مع المرجعية الدولية.
أما على مستوى السياسات العمومية، فكل المؤشرات تدل على أن واقع الطفولة بالمغرب يزداد تدهورا سنة تلو الأخرى، لا سيما في مجال الصحة، حيث تم تسجيل تزايد حالات وفيات الأمهات والأطفال أثناء الولادة؛ وفي مجال التعليم حيث يعرف التعليم العمومي بدوره تراجعا كبيرا خاصة في القرى النائية، مع تمادي الدولة في تشجيع القطاع الخاص عبر التساهل الضريبي والتشريعي مما يهدد مباشرة ابناء الطبقات الفقيرة ويعزز الفوارق الاجتماعية؛ حيث تم إغلاق اكثر من 200 مؤسسة تعليمية عمومية من 2012 الى 2019 ناهيك عن غياب مرافق صحية للأطفال وخاصة منهم ذوي الاعاقة، واستمرار تعرض الأطفال للاعتداء الجنسي.
والجمعية، اذ تستنكر عدم وفاء الدولة بالتزاماتها الأممية القاضية بإعمال اتفاقية حقوق الطفل، حماية ونهوضا، فإنها تسجل ما يلي:
تزايد العنف ضد الأطفال الذي تتجلى إحدى مظاهره الأكثر مأساوية في تواتر حالات الاغتصاب والاغتصاب الجماعي بشكل كبير خاصة في صفوف الفتيات أقل من 15 سنة؛
تهرب الدولة من وضع خطة وطنية لحماية الأطفال مما يسمى بالسياحة الجنسية، ورفضها إشاعة وتطبيق ميثاق الشرف للعاملين في السياحة والمدونة العالمية لأخلاقيات السياحة، التي وضعتها منظمة السياحة العالمية لوكلاء الاسفار؛
التدهور الصحي للأطفال، نتيجة سوء التغذية واستشراء بعض الأمراض الخطيرة، كمرض السل، وأمراض معدية أخرى؛
استمرار معاناة آلاف الأطفال المتخلى عنهم في الشوارع اساسا بسبب حمل غير مرغوب فيه مما يجعلهم عرضة للوصم والتمييز من طرف المجتمع؛
حرمان الآلاف من الأطفال من حقهم في التعليم، وارتفاع نسبة الهدر بين المتمدرسين منهم؛ حيث يسجل المغرب أعلى نسبة للأمية بين الأطفال في المنطقة العربية والمغاربية؛
استمرار ظاهرة، تزويج الأطفال وخاصة الطفلات اللواتي تقل أعمارهن عن 15 سنة؛
ارتفاع ظاهرة تشغيل الأطفال، واستغلالهم في أعمال مضرة بنموهم وصحتهم النفسية والجسدية، في غياب سياسات عمومية وفق استراتيجية واضحة تكفل الإعمال الصريح والفعلي لحقوق الطفل، وتسعى لتقليص عدد الأطفال المشغلين في أفق القضاء على ظاهرة تشغيلهم وضمان حقهم في التحرر من العمل والاستغلال؛
استمرار التمييز في حق الأطفال في وضعية الإعاقة؛
تردي أوضاع الأطفال المهاجرين غير النظاميين، وتعرضهم للاعتداء وسوء المعاملة والحرمان من الحق في ولوج الخدمات الصحية والتعليمية؛
تنامي ظاهرة الأطفال المشردين ودون مأوى، رغم اعلان وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة عن “برنامج محاربة ظاهرة اطفال الشوارع” مما يجعلهم عرضة لكافة أنواع العنف وسوء المعاملة، خصوصا في ظل غياب وجود مراكز حماية ملائمة لقواعد ومعايير اتفاقية حقوق الطفل؛
غياب مدونة خاصة بحقوق الطفل، تضم كل القوانين المنظمة لحقوق الطفل المنصوص عليها في القانون الجنائي، مدونة الأسرة…؛
وبناء على ما سبق، واعتبارا للأهمية الخاصة التي توليها المنظومة الدولية لحقوق الإنسان للطفولة، وتأكيدا على وجوب تطبيق مقتضيات الاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل والبرتوكولات الملحقة بها، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب الدولة بما يلي:
ــ ملاءمة التشريع المغربي مع المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل؛
ــ إلغاء مشروع عهد حقوق الطفل في الإسلام الذي يتنافى والمرجعية الدولية وخاصة اتفاقية حقوق الطفل؛
ــ اتخاذ التدابير اللازمة من أجل بلورة خطة وطنية لإعمال وتنفيذ مقتضيات الاتفاقية، بناء على قاعدة بيانات وإحصاءات مفصلة ودقيقة حول وضعية الطفولة ببلادنا، واستثمارها في وضع سياسات وبرامج لفائدة الطفل، مع الحرص على إشراك المنظمات غير الحكومية المستقلة المهتمة بحقوق الطفل؛
ــ القيام بجميع التدابير الملائمة لمنع جميع أشكال العنف ضد الأطفال وحمايتهم منها، بما في ذلك العنف البدني والنفسي والجنسي والتعذيب والعنف المنزلي والإهمال، وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز أو الرعاية الاجتماعية، ووضع آليات فعالة للتحقيق في حالات التعذيب وغيره من أشكال العنف ضد الأطفال؛
ــ تشديد العقوبات ووضع حد للإفلات من العقاب في جرائم اغتصاب القاصرين، وتقوية الضمانات القانونية للحد من الظاهرة، وتوفير الشروط الاجتماعية والنفسية لإعادة ادماج الاطفال ضحايا الاغتصاب؛
ــ الاهتمام بالصحة الإنجابية وبصحة الأطفال قبل الولادة وأثناءها وبعدها، وتوفير مستوى كاف من الغذاء والتغذية لهم؛
ــ ضمان رعاية خاصة للأطفال المتخلى عنهم وحمايتهم من تبعات وضع لم يختاروه، و تمكين النساء من القرار بخصوص الحمل من عدمه وهو ما يستوجب الأمر تمكين النساء من الحق في الإيقاف الإرادي للحمل غير المرغوب فيه؛
ــ ضمان مجانية التعليم والصحة لجميع الأطفال وجعلهما في المتناول، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة الخاصة بالطفلات، والحد من التراجع في التعليم ما قبل المدرسي وفي كل الأسلاك التعليمية، ومواجهة ظاهرة الانقطاع عن الدراسة، وتمكين الأطفال من ممارسة حقوقهم الثقافية واللغوية؛
ــ الاهتمام بالأطفال في وضعية صعبة وتوفير شروط الاستفادة من الحالة المدنية وكافة الحقوق المتضمنة في اتفاقية حقوق الطفل؛
ــ العمل على إصدار مدونة خاصة بحقوق الطفل؛
ــ الاهتمام بالأطفال المهاجرين وتمكينهم من كافة الحقوق بدون تمييز؛
ــ ضمان تمتع الطفل في وضعية إعاقة بحياة كاملة وكريمة، له ولوالديه أو لمن يقومون برعايته، مع العمل على تحقيق اندماجه الاجتماعي ونموه الفردي، وتوفير الدعم للأسر التي تتكفل بأطفال ذوي إعاقة؛
ــ اتخاذ إجراءات سريعة مبسطة وفعالة لتسجيل المواليد والتحسيس بأهمية ذلك، واحترام حق الوالدين في اختيار أسماء مولودهما بكل حرية؛
المكتب المركزي، الرباط، في 20 نونبر 2019.