آخر الأخبار

حلقات جامع الفنا ـ 8 ـ

أسماء رحلت عن الساحة : الصاروخ (  1 )

شهدت ساحة جامع الفنا غياب العديد من روادها أغلبهم توفي بعد صراع مع المرض منهم من ظل يزور الساحة في وضعية صحية جد متردية وأغلبهم غادرها في صمت على حين غرة،لا زال الجمهور يتذكر أسماء كل من:  الملك جالوق الصاروخ التمعيشة ميخي بقشيش فليفلة الجابري الأزلية مول الحمام طبيب الحشرات مول البشكليت بن حمامة  وهي أسماء كثيرة من أعلام الفرجة بساحة جامع الفنا مروا من هناك رحلوا بيد أن الساحة الوفية لأبنائها أبت إلا أن تحفظ ذكراهم.

ببنيته الجسدية القوية كان الصاروخ يقف وسط الساحة أصلع الرأس طويل القامة عريض الكتفين يشبه الحائط في صلابته وعناد جسمه كما يقول المراكشيون لم يكن يعرفاسمه الحقيقي اشتهر بالصاروخ وذاع صيته بين سكان مراكش. كان الصاروخ من حفظة القرآن الكريم ولعل ما كان يميز عروضه في الحلقة هو طريقته في تقديم الوعظ والإرشاد الدينيين لكن ذلك لم يثنه عن استعمال العبارات الداعرة التي كانت تستفز مشاعر جمهوره أحيانا وكان هذا التناقض في الخطاب لذيذا يستمد عذوبته من خفة الدم التي ميزت الصاروخ.ومن الحكايات التي كان يحلو للصاروخ أن يسردها كثيرا على جمهوره قصته مع الحمار، يذكر أنه كان في أحد الأسواق كعادته يمسك بالمصحف يرتل القرآن والناس ملتفون حوله يستمتعون بشجن الصوت الذي كان يضفي على هالة القامة سحرا غريبا وبينما هو منغمس فيما يفعل انفض الناس من حوله غبر آبهين لم يندوه بشيء فما كان إلا أن انصرف غاضبا ثائرا في اتجاه حمار حمله بكل قوته ووضعه على كتفيه وهو يسرع الخطى فلم يدر إلا والناس يحتشدون من حوله مرة أخرى لم يتمالك الصاروخ نفسه حتى صرخ في وجوههم بعبارات قاسية وجارحة :”ما بالكم وأنا  أحمل القرآن تنصرفون عني،ثم تلتفون عشرات من حولي وأنا أحمل حمارا يا أولاد …”رغم بذاءة العبارة التي كان يستعملها الصاروخ إلا أنها لم تفقده شعبيته وجمهوره الذي يحبه داخل جامع الفنا.

بدراجته الناري كان يتوسط الحلقة وعندمكا يرفض الجمهور أن ينفحه بالدراهم يخرج كيسا مملوءا بالنقود وهو يصيح:” هل تظنون أني فقير أتوسل الصدقات على أعتابكم؟هاهي النقود أمامك أنظروا إليها من تسول له نفسه الاقتراب منها فليتفضل وسنرى ” ثم يشهر صورة لامرأة التقطت من الخلف ويضيف :” هذه زوجتي تريدون أن تروا وجهها يا أولاد … ستتعقبونها وتعاكسونها وستشير إليها الأصابع هذه زوجة الصاروخ، قبل أن تلوك الألسن سمعتها وسمعتي إنكم أنذال خبثاء”

يتذكر البعض أن الصاروخ كان أميا استوقف أحد المارة طالبا منه أن يطلعه على ما كتب في رسالة توصل بها من أحد السينمائيين يطلب فيها من الصاروخ الالتحاق باستوديوهات السينما بورزازات للمشاركة في أحد الأفلام المصورة هناك،وعند عودتهجعل الصاروخ من رحلته إلى ورزازات نموذجا مشرقا في حياته يحكيه كلما رفض الملتفون حوله تقديم بعض المال يحكي أنه كان يطلب منه أن يمسك بعصا ويلبس حذاء مطاطيا ثم يقفز من سطح إلى آخر مقابل مبلغ 7000.00 درهم عن كل مشهد يؤديه.

لم يكن الصاروخ يقبل أن يقف الأطفال في حلقته خوفا عليهم من الإدمان على ذلك وترك التزاماتهم المدرسية،من جهة وتفاديا لسماع العبارات الداعرة التي لم يكن يجد بدا من استعمالها من جهة أخرى ويحكي أحدهم أن الصاروخ كان يحمل الطفل من قفاه إذا لمحه متسللا إلى الحلقة والغريب أن الصاروخ كان يفعل ذلك دون أن يكون مضطرا للانقطاع عن العرض.