أسماء رحلت عن الساحة ( 2 )
ميخي و باقشيش
شهدت ساحة جامع الفنا غياب العديد من روادها أغلبهم توفي بعد صراع مع المرض منهم من ظل يزور الساحة في وضعية صحية جد متردية وأغلبهم غادرها في صمت على حين غرة،لا زال الجمهور يتذكر أسماء كل من: الملك جالوق الصاروخ التمعيشة ميخي بقشيش فليفلة الجابري الأزلية مول الحمام طبيب الحشرات مول البشكليت بن حمامة وهي أسماء كثيرة من أعلام الفرجة بساحة جامع الفنا مروا من هناك رحلوا بيد أن الساحة الوفية لأبنائها أبت إلا أن تحفظ ذكراهم.
عرف عمر ميخي بسينما القنارية التي كان يعمل بها كمراقب لتذاكر الدخول لكن الحلقة التي كانت تسكنه جعلته ينتظر بفارغ الصبر وقت انتهاء الحصص السينمائية ليعرج في اتجاه جامع الفنا ويعقد بها حلقته المعتادةزأمام مقهى فرنسا كان ميخي يقف في حلقته بالقرب من جامع خربوش لم يكن يتمتع ببنية قوية مثل الصاروخ بل كان متوسط القامة وما يميزه هو وجهه الذي كان يشبه وجوه ابطال الرسوم المتحركة كما يصفه الكثيرون من جمهوره و ” ميخي “لدى المراكشيين ترجمة ل ” ميكي ” أحد أبطال ديزيني،لم يشكل لقب ميخي مصدر إزعاج بالنسبة له لأنه كان جزءا من شخصيته الفنية التي وهبها كل حياته،تميز ميخي بخفة الدم وروح النكتة تنزلق العبارات الساخرة على لسانه بسلاسة وسرعة لافتة للانتباه. وقد اعتمد أسلوب التهكم على الإكراها المعيشية بأسلوب ساخر يمتزج بالجدية النقدية.معتمدا في ذلك على فرقته الموسيقية المتواضعة.في وسط الساحة كانت تجلس ” البصيرة “امرأة ضريرة تحتضن عودها المميز،تعزف ألحانا لبعض الأغاني المعروفة التي كان ميخي يحول كلماتها وفق ما يريد مشكلا أغاني وفق ما يريد مثل أغنيته الشهيرة :”آش داني لبيبي ثاني غير عضة من فخدو باش كواني راه بلاني لاش داني “كان يستعين بالطر الذي ينطقه حسب أحد جمهوره،وكان أحيانا يستعين بالدربوكة فقد كان عازفا إيقاعيا بامتياز رغم كونه لم يج معهدا وسيقيا في حياته،كان موهوبا يتمتع بأذن موسيقية وحس فني رفيع المستوى تحدث عن فقراء جامع الفنا الذين يكدون ويكدحون من أجل لقمة العيش،حيث دخلت ” البصيرة “جامع الفنا في وقت كانت حكرا على الرجال ولربما تكون شخصيتها وإصرارها على خرق هذا العرف ما مهد الطريق لأخريات دخلن الساحة بحثا عن مصدر عيشهن في فناء الساحة.
أو مريضة وما كادة وايلا جا حبيبي فيقوني ليه ” لازمة يرددها بقشيش في حلقاته،شيخ في أنهى العقد الخامس بباروكة لونه شديد السمرة ببطنه المنتفخ قليلا يقف وسط الساحة ويتنقل في أرجاءها كطفل صغير يسلوح بالباروكة أو الطاقية يطلق صرخات مدوية تثير انتباه الزوار خصوصا الأجانب عندما يشرع في الضرب على البندير وهو يردد لازمته المعتادة،يقترب من سائحين قبل ان يخرج من جيبه درهما يقدمه للسائحة لكنه سرعان ما يخفيه بحركات بهلوانية تثير الضحك ليفاجئ الأجنبيين في غفلة منهما ويمد يده جهة وجه أحدهما وهو يخرج القطعة النقدية من أنف أو فم السائح أو أي مكان آخر يثير الاستغراب لينفجرا ضاحكين ليستغل الظرف ويمد وجنته يطلب قبلة من السائحة التي ترغب في التقاط صورة بجانبه مقابل مده بالنقود وبمجرد ما يحصل على ما يريد يلتفت إلى الجمهور وهو يقول :”انظروا كرم السيدة أعطتني النقود والقبلات ماذا أعطيتموني أنتم؟؟”وكان بقشيش يتقمص شخصيات متعددة لنساء يقلد حركاتهن وطريقة كلامهن في أوضاع مختلفة مستعينا بعبارات وغيحاءات جنسية ساخرة يخاطب النساء قائلا:” العيالات الزينة تزيد لقدام والخيبة ترجع للور”،وعندما تكتظ الحلقة بالنساء يخاطبهن قائلا :” الكبيرة تزيد لقدام والصغيرة إلى الوراء حيث لا ترغب أي زائرة في نعتها ب ” الشارفة “من طرف بقشيش فيتراجعن إلى الوراء مما يتيح له مجال واسع لحركاته البهلوانية.