تجارة الكيف المعجون والحشيش بجامع الفنا
في الثلاثينيات من القرن الماضي شهدت ساحة جامع الفنا نمو تجارة جديدة كانت مستقرة بأحد فنادق المدينة العتيقة قبل أن تنتقل إلى الساحة بإيعاز من الباشا الكلاوي وهي تجارة المنشطات: الكيف الحشيش المعجون والأذوات المصاحبة لها : ” السبسي ،المطوي،الشقف ” حيث تنافس التجار والصناع التقليديون في تزويق ونقش هذه المعدات التنشيطية.
ارتبطت تجارة الكيف في مرحلة معينة من تاريخ الساحة بالاستعمار كوجه من وجوه التمرد على المستعمر حيث كان الفدائيون يدعون إلى مقاطعة السجائر المستوردة شأنها في ذلك شأن الكثير من المنتوجات الأخرى.نشطت تجارة الكيف حتى اصبح هذا المنتوج يباع في الفنادق التي كانت تغزو جنبات الساحة بابخس الأثمان الشيء الذي جعل الكثيرين يقبلون على تدخينه إذ من النادر ـن تجد وقتها أحد رواد الساحة يفلت من هذه العادة.
باكبور وجه من وجوه جامع الفنا المعروفة والتي ظلت تؤثث الساحة لأزيد من نصف قرن لا تعود شهرة باكبور إلى فن الحلقة بل تعود بالأساس إلى تجارة فريدة اختص بها دون غيره من رواد الساحة، عرفته جامع الفنا منذ السبعينيات من القرن الماضي عندما قدم من منطقة رأس العين إحدى القرى المجاورة لمراكش هربا من شظف العيش القروي، كان باكبور يفترش بقعة صغيرة في الساحة عارضا سلعته المميزة قرب سوق الجديد وقد أكسبه طبعه المرح الموشوم بروح النكتة وخفة الدم شهرة واسعة داخخل الساحة وخارجها حتى ذاع صيته واكتسب جمهورا لا يستهان به ل يزوده ب ” أذوات المزاج ” من سبسي أو مطوي أو شقف.
لم يكن باكبور عند مقدمه للساحة الوحيد الذي يمارس هذا النوع من التجارة بل كان آخرون غيره يتخدون منها وسيلة للعيش عندما كانت تجارة رائجة قبل أن تبور وينفرد بها وحده بهذا النوع الاستثنائي خصوصا بعد ترحيل التجار إلى سوق البهجة ” اطلع اهبط ” بجوار الساحة.
تعتمد تجارة باكبور على مجموعة من السلع المعروضة سواء تلك المستعملة في تدخين الكيف أو التي تتخذ للزينة.
ويعد السبسي أو العود من الأذوات الرئيسية وينقسم على اربعة أنواع :
عود الماء: يستهلك بكثرة و لا يتجاوز ثمنه ثلاثة دراهم ويعتبر أرخص الأنواع
كرماج: يتميز بلونه الأبيض المزين بخطوط سوداء ويصل ثمنه إلى 5 دراهم وهذان النوعان يستقدمان من أوريكة .
ذكر وانثى : ويتميز هذا النوع بأنه يتجزأ إلى قسمين ومن هنا جاءت التسمية ويستقدم من مدن الشمال ويصل ثمنه إلى 20 درهما.
الجوهر: من أجود الأنواع ويتميز ببياضه الناصع وأناقة مظهره ونعومة ملمسه وبقابليته للتمطيط ويستقدم من منطقة مولاي إبراهيم وهو نادر جدا ولا يقبل عليه سوى العشاقة كما يقال ويصل ثمنه إلى 50 درهما.
المطوي : وهو ذلك الكيس الجلدي الأنيق الذي يحفظ فيه أصحاب البلية الكيف وينقسم بدوره إلى عدة أنواع:
مول الشعر:يصنع من جلد الماعز ويتميز بالشعر الذي يتدلى منه ويزينه يصل ثمنه إلى 40 درهما.
ثم هناك الفردي والعادي وهذه الأنواع فيها الكبير والصغير ويتراوح ثمنها ما بين 15 و 30 درهما.
ويقوم بإنتاجه صناع تقليديون يشتغلون في الجلود ويتكون المطوي عادة من المطوي،الخزنة،الغارب العقدة السير الخيط،الزواقة،وقبل استعمال المطوي من طرف صاحب العشبة يعمدون إلى دهنه بمادة الكحول أو يملئونه بالحشيشة هذه الأخيرة تمتص رائحة الجلد كي لا تتسرب إلى الكيف وتفسده.
أنواع الشقف:يتكون عادة من الطين وينتج بمدينة آسفي وهي السلعة المتوفرة اليوم لدى باكبور بعدما كان يتوفر على السلاوي والرباطي ينقسم الشقف بدوره إلى قسمين مول الحلق وهو النوع المستعمل بمراكش ومدن الجنوب.
مول الشبكة: تتوسطه حلقة دائرية تتخللها ثقوب تشبه الشبكة وهذا النوع يستعمل بكثرة في مدن الشمال،كما أن سكان الجنوب وخاصة المسنين يقبلون على ذلك النوع المصنوع من الحديد الذي يتميز بارتفاع ثمنه لأنه يصمد كثيرا.
ومن أهم الأدوات التي يعتمد عليها باكبور هي البريمة وهي عبارة عن سلك طويل مسنن يستعمل في توسيع دائرة السبسي بعد إدخاله لعدة مرات.
أقلع باكبور عن عادة التدخين منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة وعلى الرغم من أنه يعتمد في تجارته الرائجة على هذه الأدوات التي يسميها بأدوات المزاج فإنه لا يكف عن إسداء النصيحة لهم بالكف عن هذه العادة القبيحة.