إدريس الأندلسي
لا تؤمن الصهيونية بغير السيطرة على أرض كبيرة من الفرات إلى النيل و بحر أحمر يخضع لها. قد تقبل ببعض السكان في الضفة و القطاع و مصر و الأردن و لبنان و السعودية لكن بشرط أن يكونوا منزوعي السلاح. و هذا يعني كثيرا بالنسبة لمزوري التاريخ و المؤمنين بكتاب كتبه اجدادهم و نسبوه إلى ” يهوه” و هو الإله الذي صنعوه و سطروا له برنامج عمل كله إبادة و تقتيل و ذبح لبقية العالمين من غير بني جلدتهم. قيل لهم ، حسب زعمهم ،امتلكوا كل الأسلحة و امنعوها بكل الطرق على من تعتبرونهم أعداء. و صدقهم أمريكان خلطوا بعض المسيحية بطغيان بني صهيون و زوجوهما زواجا كاثوليكيا و اورتدوكسيا و بروتستانتيا. المؤامرة كبيرة و تستهدف الشرق الأوسط كله. و لكن الواقع و معطياته قادر على بعثرة أوراق الصهيونية الإستعمارية العنصرية. أموال دافعي الضرائب الأمريكيتين و الألمان و غيرهم مجبرين على أداء فاتورة السلاح الذي يقتل الأطفال و النساء و العجزة و حتى المرضى داخل المستشفيات. هذه هي قيم الغرب الحقيقية و أخلاقهم العنصرية. هذا الغرب يحتفل بشخصيات و تقدم لهم الميداليات و جوائز من ضمنها نوبل. رحل وزير عدل سابق بفرنسا إسمه ” بدانتير” عرف بقانونه حول إزالة عقوبة الإعدام في فرنسا. و لكنه كان محامي إسرائيل و الداعم لها للإفلات من الادانة على قتلها لمئات الآلاف من الفلسطينيين. و قد اجتهد هذا ” الحقوقي” المزور لاعتبار فلسطين مجرد بقعة على الأرض و أنها ليست دولة. و كل جرائم إسرائيل تعتبر، بالنسبة لهذا الصهيوني، مقبولة و غير جائز أن تنظر فيها المحاكم.
زادت هلوسات الصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية و اخضعوا الغرب بمؤسساته و دوله إلى رغباتهم الإستعمارية في الشرق الأوسط. سيطروا على مؤسسات الإعلام و المال و البورصات و أسواق السياسة حتى أصبحوا يدبرون الانتخابات عن بعد من أمريكا إلى فرنسا و من ألمانيا إلى أوكرانيا. اليهودية تحولت من دين إلى عرق و جنس و أصل و تميز عن كل مواطني العالم. الصهيونية تصنع كل وسائل الهجوم على الثقافة و الأخلاق و التوافق بين الشرائع الدينية في مختلف بقاع الأرض. و اليوم أصبح التبجح بالمثلية الجنسية و محاولة فرضها على الدول حقا أريد به باطل. و قد قال أحد اليهود المؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية أن صواريخ إسرائيل النووية موجهة إلى الغرب حتى لا يتخلى عليها أبدأ. و يظل إختيار النخب الإعلامية و السياسة و الإقتصادية و حتى الفنية رهين بولائهم لإسرائيل الصهيونية. و لم يعد من حق كثير من مواطني أو قاطني دول الغرب الكلام عن مآسي الشعب الفلسطيني. صهاينة العالم من حقهم مغادرة بلاد إقامتهم، و التي يحملون جوازاتها و جنسيتها ، للمشاركة في قتل الفلسطينيين. و ما يجوز للصهاينة العمل كمرتزقة لدى جيش إسرائيل، و يرجعون، بعد ارتكابهم للجرائم ، إلى بلدان إقامتهم دون محاسبة. و لو فعلها العربي أو المسلم لتم اعتباره إرهابيا.
الصهيونية مرض معدي أكثر من الكوفيد يحمل هم توسيع آثاره قلة من الصهاينة لهدم مستقبل الإنسانية جمعاء. حتى الولايات الأمريكية المتحدة تخضع لاقلية من اليهود الأغنياء في كل قراراتها ، و كل أحزابنا أصبحت تدير حملاتها الانتخابية و كأنها حملات تهم تدبير تل أبيب أو حيفا. و قد وصل الذل منتهاه ، و بدأت الأصوات تعلو حائط التصهين في أمريكا بعد اكتشاف دمار غزة المدعم بالأسلحة الأمريكية الممولة من طرف دافعي الضرائب. و الأمر يهم صهاينة لندن و باريس و برلين و كثير ممن صنعوا الوهم بعد قتلهم لليهود ، و وجدوا الحل في إبادة الشام في إنتظار مهاجمة باقي دول الشرق الأوسط.
قد يبدو الكلام عن الأزمة الحالية و وصفها بحرب إبادة جماعية مندفعا و عاطفيا. لكن محكمة العدل الدولية وضعت النقط فوق الحروف و هددت باتخاذ قرارات أكبر بعد أسابيع. الصهيونية تهدد الرئيس بايدن الذي يعيش أحلك أيامه و يحاول ممارسة ضغط على مجرمي الحرب و الاستيطان الذين يهيونه و يجبرونه على تمكينهم من أكثر الأسلحة فتكا بالشعب الفلسطيني في غزة. أمريكا بينت أنها تكفر بكل مبادىء القانون الدولي و بأدوار كل المؤسسات الدولية ، و لكنها تستشعر الأخطار القادمة من دول أصبحت خارج القطبية الاحادية. لم تعد روسيا هي العدو الكلاسيكي، كل دول الشرق الأدنى الآسيوية أصبحت هي القوى التي تخيف الغرب و كل ما صنعه. و أكثر من هذا شعرت أمريكا أن إسرائيل تعاني، رغم تسليحها بالملايير من الدولارات الأمريكية، من ضعف هيكلي و خوف دائم من ضحايا عدوان غاشم نجح مؤقتا بدعم من بريطانيا. أمريكا. و لكن قهر شعب لا يمحي تاريخه و لا ينقص من إرادته لاسترداد أرضه و تاريخه. الصهيونية صنيعة غرب استعماري لم يعد يقوى على ضمان الأمن لحلفاءه و لو كانوا عربا أو صهاينة أو عملاء له في آسيا و أفريقيا. حرب غزة بداية في مسلسل هدم ما بني على باطل لأنه باطل. الصهيونية ستظل نظاما عنصريا لأنه لا يعير أية أهمية للقانون الإنساني و يمعن في قتل علماء فلسطين و أطفال فلسطين و نساء فلسطين و كل صحافيي فلسطين. من يستهدف المستشفيات و المدارس و حتي أقسام الولادة و الصحافيين، لا يمكن أن يكون عضوا في أي منتظم دولي. لقد تجاوزت فظاعات الصهاينة حماقات هتلر، و جعلت منهم ورثته الشرعيون.