قال محمد عبد النباوي ، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن مكافحة جريمة الاتجار بالبشر توجد في صلب اهتمامات السياسة الجنائية، حرصا منها على تنزيل مضامين القانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، مضيفا أن هذا القانون يوفر إطارا فعالا لزجر المتجرين بالبشر من جهة، ويؤمن حماية قانونية لضحايا هذه الجريمة البشعة من جهة أخرى.
وأضاف عبد النباوي، خلال انطلاق الحملة التواصلية حول الاتجار بالبشر بالرباط، أنه بالنظر إلى الطابع المختلف لهذه الجريمة عن باقي الجرائم وتعقد أركانها، وتشابهها في الوقت ذاته مع جرائم أخرى تشترك معها في بعض الخاصيات، من قبيل الطابع العابر للحدود الوطنية، فإن العدالة الجنائية مدعوة لاتخاذ كافة التدابير الممكنة لمكافحة الاتجار بالبشر، لاسيما بالنسبة للمغرب الذي ي ستقطب حركية كبيرة للمهاجرين، سواء الراغبين في العبور نحو أوروبا، أو الذين يستقرون بالمملكة، لافتا إلى أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الهشة لهذه الفئة تجعلها ضحية مفترضة من طرف شبكات الاتجار في البشر، عن طريق الاستغلال الجنسي أو الجسدي. وفي نفس السياق، أوصى السيد عبد النباوي بضرورة قيام الضحايا بالتبليغ عما يتعرضون له من استغلال، مشيرا إلى أن ضحايا الاتجار في البشر يكونون عادة من الفئات الهشة التي تجهل حقوقها وواجباتها وتذعن للمتاجرين فيها.
واعتبر أن مكافحة جريمة الاتجار بالبشر تطرح على السياسة الجنائية تحديات استثنائية، تتمثل في تهييئ سلطات البحث والتحري للتعرف على ضحايا هذه الجريمة من جهة، كما تتطلب تشجيع الضحايا أنفسهم، وعامة الأشخاص في المجتمع على التبليغ عن هذه الجريمة، وتحسيسهم بخطورتها، وتعريفهم بأركانها والوسائل التي ترتكب بها. من جهتها، أكدت ممثلة مكتب الأمم المتحدة للمرأة، السيدة ليلى الرحيوي، أن الحملة التواصلية تروم تسليط الضوء على القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، بالإضافة إلى المقتضيات التي أرستها رئاسة النيابة العامة لدعم وحماية الضحايا. وأفادت السيدة الرحيوي بأن 70 بالمئة من ضحايا الاتجار بالبشر بالعالم نساء وفتيات، مشيرة إلى أنهن يتعرضن، وفق تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة، للاستغلال الجنسي، والعمل القسري، وتجارة الأعضاء، وأشكالا أخرى من الاستغلال. وسجلت حاجة الرأي العام اليوم إلى الوعي بأهمية الإطار القانوني، وكذا خلايا الاستماع والترتيبات المواكبة للتكفل بضحايا الاتجار بالبشر. ويتوخى برنامج ” ولوج النساء والأطفال ضحايا الاتجار بالبشر إلى الخدمات القضائية”، الذي تم إرساؤه من قبل رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة، وبدعم الاتحاد الفيدرالي السويسري، تعزيز كفايات القضاة والمساعدين الاجتماعيين، قصد توفير حماية فعالة لضحايا الاتجار في البشر. وتندرج الجهود التي تبذلها رئاسة النيابة العامة في مجال مكافحة الاتجار في البشر في إطار تنزيل المقتضيات الدستورية وتعهدات المغرب الدولية، لاسيما بروتوكول باليرمو الذي تمت المصادقة عليه سنة 2011، والرامي إلى الحماية وردع ومعاقبة الاتجار في البشر، لاسيما فئة النساء والفتيات.
و يذكر أن رئاسة النيابة العامة، أطلقت يوم الاثنين 23 أبريل الجاري، بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة والمساواة بين الجنسين، حملة تواصلية حول الاتجار بالبشر، بمناسبة اختتام برنامج ” ولوج النساء والأطفال ضحايا الاتجار بالبشر إلى الخدمات القضائية “، والتي تروم تحسيس العموم والشركاء الوطنيين وهيئات المجتمع المدني بهذه الآفة وتمظهراتها، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الإطار القانوني الناظم في هذا الشأن، والمتمثل في القانون رقم 27.14.