آخر الأخبار

حين يصبح “التكريم” مهزلة… مراكش بين الرداءة والتضليل

في مدينة كانت ذات زمن تختار بعناية من تُكرِّمه، أضحت اليوم ساحة مفتوحة لحفلات لا تحمل عنوانًا، وتكريمات بلا معنى، تُنظَّم بلا مناسبة، وتُمرَّر بلا سياق، تحت مظلة العمل الجمعوي، وبإخراج سياسي لا يخلو من نوايا انتخابية مُبطّنة.

حفل صاخب نُظم مؤخرًا… لا أحد يعرف اسمه، ولا الهدف الحقيقي منه، سوى أنه “حفلة تكريم”. دروعٌ توزّع بسخاء، فنان يُكرَّم، والكل يصفق، رغم أن “الفن” في هذه المناسبة لم يكن إلا سيمفونية مضحكة تُعزف على أوتار النفاق الاجتماعي.

الوجوه السياسية التي عجزت عن تقديم أي خدمة حقيقية لمراكش، بدأت ترتدي عباءة “الفاعل الجمعوي” في محاولة يائسة لاقتناص شرعية مفقودة. لا برامج، لا إنجازات، لا نضال… فقط حفلات، صور، ومزايدات على حساب الذوق العام، وقيم المدينة.

ما يجري في مراكش ليس احتفالًا بالفن، بل عبث يُوظّف فيه “التكريم” كستار سميك لترويج التفاهة. المكرَّمون لا يُعرف لهم أثرٌ في أي مجال إبداعي أو مجتمعي، لكنهم يُكرَّمون فقط لأنهم جزء من شبكة العلاقات، أو لأنهم ينسجمون مع صورةٍ يريد المنظم أن يصنعها لنفسه.

الأسوأ من ذلك؟ أن هذه الممارسات تمرّ تحت غطاء “العمل الجمعوي”، الذي تحوّل للأسف في بعض الحالات إلى أداة تُستغل سياسيًا، بعيدًا عن دوره الحقيقي في خدمة الناس. الجمعيات صارت غطاءً لتنظيم أنشطة لا تخدم لا الثقافة ولا المجتمع، بل فقط أجندات خفية تُدار من وراء الستار.

أين تكريم الأطباء، المعلمين، المثقفين، الباحثين والعاملات في الظل؟ أين الوجوه التي تبني في صمت؟ لماذا يُهمَّش الحقيقيون ويُصدَّر المزيّفون؟

في مراكش اليوم، المشهد مُقلق: الرداءة تُكرَّم، والتفاهة تُموَّل، والمحتوى يُستبدَل بالديكور، والصورة تطغى على القيمة.

فرفقًا بهذه المدينة… فالتكريم ليس نكتة، والفن ليس بطاقة عبور، والجمعيات ليست سلالم سياسية. مراكش تستحق ما هو أعمق من حفلة بلا عنوان، وتكريم بلا معنى.