َفي الخطاب الذي وجهه الحاكم العسكري للجزائر شنقريحة باسم الرئيس غير المنتخب تبون، وقراه الموظف المكلف بلعب دور وزير اول، وعد بتخصيص مليار دولار عبر وكالة التنمية الدولية الجزائرية، التابعة للمخابرات، للدول الافريقية.
وعد الجنيرال المسطول هذا بلسان مرؤوسه الكذاب، وبغض النظر عن الوفاء به من عدمه من طرف نظام يعيش على الكذب والاحاجي، ياتي في وقت دقيق يواجه فيه هذا النظام المستقبل بكثير من الغموض و يفتقد فيه للحد الادنى من القدرات على توقع ما يخبئه، ولا يجد غضاضة، والحالة هذه، في اعادة انتاج ما كان في سابق العصر والاوان بشكل كاركاتوري يفضح غباء تضحك منه الحمير والبغال.
ذلك ان وعد الجنيرال في قمة افريقية غايته، الواضحة والفاضحة، ليس دعم التنمية في بلدان تعاني من عجز التمويل الهيكلي والمزمن، رغم تململ النمو فيها و تسارعه في بعضها بشكل يتجاوز الجزائر مند بداية الالفية الجديدة، و ليس مساعدة عدد من الشعوب الافريقية التي تواجه اليوم بصعوبة تبعات الازمات العالمية والصراعات الجيوسياسية، وانما دعوة البعض الى الاصطفاف مع النظام الجزائري ضد المغرب مقابل رشاوي سمينة من عائدات الغاز الجزائري العابرة التي فشل هذا النظام فشلا دريعا في استثمارها في تنمية الجزائر وتجهيزها وفي حل مشاكل الجزائريين المستعصية على الحل مند منحها استقلالا مشروطا وملغوما، يبقيها “الجزائر الفرنسية” الفاقدة للقدرة على ان تكون شيئا اخر، و ليست مشكلة الطوابير المالوفة بالجزائر الا الجزء البارز من جبل مشاكل تشكل تهديدا وجوديا و ليس لحظيا.
وكي تتضح الصورة اكثر، ويتبين لكل عين ناظرة ان الرشوة الموعودة تروم جر من يمكن اغراؤهم وجرهم للاصطفاف ضد المغرب الذي يتجه نحو تغيير جدري لقواعد اللعب في القارة السمراء وداخل الاتحاد الافريقي بعد عودته اليه، فانه لا بد من ربط ماورد في خطاب الجنيرال باسم تابعه بشان المليار دولار، بما ورد ايضا في خطاب الجنيرال باسم دميته ابراهيم الرخيص، الفاقد لاي قيمة افريقيا وعالميا و المزدرى اليوم بعد فضيحة الدخول باسم جزائري مستعار الى اسبانيا قصد العلاج، حيث ان الشمكار الذي كلف بقراءته تعمد تهديد الاتحاد الافريقي بتحمل العواقب السياسية والمالية، واشدد على المالية، ان هو اتجه الى تغيير نظام المنظمة القارية بغرض طرد دولة حمادة تندوف الملحقة بالادارة العسكرية الجزائرية، اي ان الدول الافريقية لن تستفيد فقط من المليار دولار الموعود، بل و ستواجه مشكل تمويل الاتحاد الافريقي اذا ما حجبت الجزائر و دولة الوهم، ومعهما من يستهدفون المغرب وافريقيا، مساهماتهم.
هذا ما يبين ان الخطابين المكتوبين من محبرة واحدة وبيد واحدة تعمدا ممارسة الاغراء بالارشاء و توزيع الاموال كما كان يحدث في الماضي من جانب والتهديد بقطع الانبوب من جانب اخر، وهذا ما يعري نوايا خبيثة لا صلة لها بتمويل التنمية و التضامن المطلوب مع البلدان الافريقية المحتاجة و لا صلة باخلاق السمو التي تجعل من جزل العطاء سلوكا عاديا يعكس رفعة نفس وليس الخسة والتباهي بالكذب.
وعد الجنيرال، الذي رافقه تهديد صريح، لا بد ان يكون قد فهم معناه ومغزاه العديد من القادة الافارقة وغيرهم، كما فهمه الجزائريون الذين اطلقوا اسماء دول افريقية فقيرة كالنيجر وبوركينا فاسو و الصومال و موزمبيق على مناطق عيشهم الغارقة في التدهور التنموي والندرة، التي لا تستثني قنينات الغاز والماء الشروب ومناصب الشغل، فهو اشهار للرشوة على مراى العالم، لكن العودة الى الرشوة بكثافة وبهذا الاعلان المرئي والمسموع يعني ان نظام الجنيرالات، بقيادة المسطول، قد ضاقت به السبل في القارة الافريقية و بات يشعر ان عددا كبيرا من القادة الافارقة الجدد باتوا يولون فعلا اهتماما اساسيا لتنمية بلدانهم والاستجابة لحاجيات شعوبهم وليس الى المناورات والخرافات القديمة التي عاش عليها النظام الجزائري دهرا ولم يستطع الانفلات من بين فكي كماشتها فاضاع ثروات وموارد الجزائر على بيادقه الذين عول عليهم ليفتحوا له طريقا الى المحيط الاطلسي فوجد نفسه يغلق عليه اكثر من طريق وباب كان بالامكان فتحهما لو تصرف بذكاء انساني و بروح التعاون و حسن الجوار والاخوة ولو تحرر من عقدة “الجزائر الفرنسية” الموروثة، كالحدود الجزائرية الحالية، عن الاستعمار. و بات هذا النظام يشعر ان هؤلاء القادة الافارقة يرغبون في تطوير شراكات للتنمية تقوم على اساس رابح-رابح، وان المغرب استطاع بفضل ديناميته في بناء هذه الشراكات فاعلا يحظى بالثقة والاحترام و يعتبر نموذجا في نفس الوقت، و لا تغريهم العلاقات الفاسدة والمهينة لكرامة القادة والدول والبلدان التي كان النظام حريصا على استمرارها، لانه عاجز عن ايجاد بدائل لها مثلما هو عاجز عن ايجاد بدائل لحتالات كرمطان العمامرة الذي تربى وترقى في كنف هذا البؤس. فقد طور المغرب، بامكانياته و بالمهن التي يثقنها و الثقافة التي يحملها والعلاقات التي بناها، مقاربة مثمرة ومفيدة للشركاء الافارقة وللمغرب بطبيعة الحال، وفي علاقة معها تطورت مواقف عدد من الدول الافريقية من وحدتنا الترابية وتطورت معها نظرتها للمغرب كبلد افريقي بشكل عميق،
ان وعد المليار دولار يبقى كذبة و اشهارا للرشوة والفساد، لان غلافا ماليا بهذا الحجم لا يقال ككلام مطلوق على عواهنه، اذ لو حسنت النية، فانه يتطلب وضع مشروع متكامل معروف الاهداف ومجالات الاستثمار وكيفياته، و يستدعي هندسة مالية دقيقة، واطار مؤسسي، كما هو الشان بالنسبة للصندوق الكويتي للتنمية والصندوق السعودي للتنمية وصندوق ابو ظبي للتنمية، مادام الامر يتعلق بمساعدات عمومية وليس باستثمارات مباشرة، كما يستدعي جملة من الاليات التنفيدية والرقابية و تنظيم الشراكات مع مؤسسات مالية وتنموية قارية او عربية واسلامية وعالمية لتنسيق عمليات المساعدة للتنمية. غياب كل ذلك و الاعلان هكذا بالقول بدون مقدمات ان الجزائر ستخصص مليار دولار للدول الافريقية معناه رجاء لا تطردوا جمهورية الوهم من الاتحاد الافريقي و لا تساندوا المغرب لتنظيم كاس افريقيا سنة 2025 و لا تساندوا ترشحه للعضوية غير الدائمة في مجلس الامن سنة 2028، ولا تخيبوا رجاءنا في اشراك ابراهيم الرخيص في القمم بين بعض دول ومجموعات العالم والدول الافريقية….وهلم جرا، ولا تجعلونا نظهر بمظهر الفشل امام الشعب الجزائري الذي اوقفنا حراكه بصعوبة دون ان ننهيه، لاننا نريد ان نضمن استمرار هذا النظام ولا نريد ان يضحك المغاربة من غبائنا وفشلنا.
لا بد من التذكير، في هذا السياق، ان تبون كان قد صرح بغباء لدى تعيينه رئيسا “المغاربة كلاونا فاريقيا” والمؤكد ان مخه لايسعفه للخروج بهذه الخلاصة وانما قيل له ولم يستطع، كما يحصل مع كل ثرثار، ان يكتم سره، وهاهو اليوم يكرر نفس القول، وان بصيغة اخرى، عندما يتكلم باسم رئيسه عن مليار دولار. ولا ننسى في هذا الاطار الاشارة الى ان لتبون مشكلة حقيقية مع الارقام، ومند وقت قصير اشار الى انهم وجدوا في بيت اسرة واحدة، نعم بيت اسرة واحدة، ما يعادل 36 مليار دولار، اي ما يعادل فيزيقيا عمارة من الاموال، وهو ما اضحك العالم.