آخر الأخبار

درس في الاخلاق

إدريس بوطور 

لا تدخل تدوينتي لهذا الصباح ضمن تجاذبات صراع الأجيال ، وليست لها أية صبغة قدحية ، بل يمكن إعتبارها إطارا تربويا تصحيحيا لظاهرة طقسية معينة ، والمتمثلة أساسا في ارتداء بعض الشباب لملابس ممزقة عنوة ، كثيرة الخروق والفتوق دون رتق ، مع إنزال حزام السراويل بالنسبة للذكور عن مستوى السرة حتى تظهر العورة . ومن الانعكاسات الاقتصادية لشيوع واستعمال هذا النمط من اللباس ، دخول شركات ومقاولات الملابس الجاهزة على الخط وعرضها للبيع في الأسواق الممتازة سراويل ” دجينز” و “تيشرتات” أكثر تمزقا ووضاعة مما كانت عليه الوضعية ، وبأثمان مرتفعة . وأنا أكتب هذه السطور ، رجعت بي الذاكرة إلى ستينيات القرن الماضي وسني يتأرجح بين الطفولة والمراهقة ، انتشرت أنذاك موجة “الهيبي” الوافدة من اوروبا ، لكن متبني هذا النمط لم يقوموا بتعرية أي طرف من أجسادهم ، بل كانت ملابسهم فضفاضة واسعة بشكل مثير ، مع إطالة شعر الوجه والرأس وعدم الاعتناء بالنظافة . وبالرجوع سالفا أدراج تاريخ المغرب الثقافي والاجتماعي ، استحضرت ظاهرة “المجاذيب” ، وهي نوع من السلوك التصوفي، حيث كان هناك رجال يتجولون بشعورهم المسبولة ولحاهم الكثيفة ، ولباس كثير الرقع من أثر الرتق المستمر للخروق ، ولا يتركونها بادية أو سافرة عن جلودهم ** لكن ما نراه اليوم لا هو بظاهرة “الهيبي ” ، ولا بظاهرة “المجاذيب ” ، فأين محله من الإعراب ؟! كما ذكرت في مقدمة هذه التدوينة ، لست أروم بكتابتي إثارة صراع الأجيال ، ومناقشة الاذواق وأنماط العيش، بل أريد أن أصل إلى نوعية العلاقة بين ما تمثله تلك الصور المرفقة وبين مستوى العقل المتوازن والمنطق السليم، فلم أجد جوابا شافيا مقنعا . حاولت النزول الى الميدان ، وكلما التقيت أحد الشباب وهو لابس بهذه الطريقة ، أحاول أن أحاوره في دواعي ومرجعيات تبني هذا السلوك . فوجدت شبابا يحاولون تقديم اجابة تعميمية دون اقتناع او قدرة على الاقناع ، وذلك بالتركيز على ربط الظاهرة بالحرية الشخصية ، وهناك من الشباب من واجهوا فضولي بعدوانية مغلفة ، فهمت رموزها المكشرة فانسحبت من الميدان /