حلقت طائرات الدرون، في سماء مراكش، متحدية المصالح الامنية التي وجدت نفسها مجبرة على تتبع مصدر هذا ” الشغب الطائر” ، وتحديد الجهات الواقفة خلفه.
كانت مصالح الدرك الملكي على موعد مع حدث جديد، حين أطلت من سماء جماعة ادويران واحدة من هذا النوع من الطائرات المتحكم بها عن بعد، لتنطلق شرارة بحث وتعقب مضنية، انتهت بتوقيف
شخص ينحدر من العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء ، حل ضيفا على المنطقة، واطلق العنان لطائرته المزودة باجهزة تصوير متطورة ، كي تخترق اجواء المنطقة وتشرع في تصوير مشاهد موثقة بالصوت والصورة.
المركز القضائي للدرك الملكي الذي تكفل بإنجاز مهمة البحث، استمع لصاحب الطائرة في محضر رسمي مع مصادرة وحجز ” الدرون ” وكل الاجهزة والقطع المثبة بها، مع احالة المعني على النيابة العامة بابتدائية امنتانوت باقليم شيشاوة، التي ارتأت تمتيعه بالمتابعة في حالة سراح.
احداث ووقائع باتت في حكم المعتاد بأجواء جهة مراكش، سواء على مستوى النفوذ الترابي للمجالات الحضرية او ذلك الدائر في فلك المناطق القروية، حيث تظهر في الاجواء طائرات مسيرة عن بعد، وبالتالي اضطرار المصالح الامنية لتعقب خط تحليقها، وتوقيف محركيها وإخضاعهم للبحث لتحديد الدوافع والأسباب وراء سلوكهم.
آخر هذه المشاهد تم تسجيلها بساحة جامع الفنا المصنفة كتراث شفوي للانسانية من طرف منظمة اليونيسكو ، حين اضطرت المصالح الأمنية بالمدينة الى استنفار بعض عناصرها لمطاردة ” طائرة صغيرة متحكم بها عن بعد” درون” لتحديد هوية صاحبها وسبب اختراقه لأجواء ساحة جامع الفنا مع التركيز على ممر الأمراء ( البرانس) والتحليق على ارتفاعات متفاوتة ، خاصة وان الطائرة قد تم تجهيزها بكاميرا تصوير دقيقة.
وقد سجلت الواقعة المذكور ايّاما قليلة على حدث مماثل بالمدينة العتيقة ،حين فوجئت ساكنة بحي سيدي بن سليمان الجزولي بطائرة ” درون” من النوع المصنف في خانة” اجهزة التجسس” بفعل توفرها على كاميرات تصوير وهي تحلق فوق البيوتات وأسطح المنازل ، ليتم اخطار المصالح الامنية بعد تحديد مصدر الطائرة والجهة المتحكمة في تحليقها من دار ضيافة ، حيث تبين بان احد السياح الاوروبيين رفقة ابنه هما من أطلق الطائرة بأجواء الحي .
تواتر هذا النوع من الوقائع بالمدينة الحمراء والتي غالبا ما يكون ابطالها سياح اجانب لا يترددون في إطلاق طائرات متحكم بها عن بعد للتحليق بفضاءات المدينة ، والتي أمتد الامر في بعض الحالات الى انتهاك حرمة بعض المواقع الحساسة كما حدث مؤخرا حين شوهدت طائرة “درون” تخترق الأجواء المحيطة بالإقامة الملكية بسيدي ميمون، أطلقها سائح اجنبي انطلاقا من احدى الإقامات السياحية بحي القصبة، ناهيك عن انتهاك حرمة المساكن والبيوتات بالمدينة العتيقة، بات يشكل تحديا جديدا للمصالح الامنية ، التي تجد نفسها عقب كل حدث مجبرة على مطاردة وتتبع مصدر هذا النوع من الأجهزة ، والتحقيق مع أصحابها لتحديد الظروف والملابسات وكذا الغاية من هكذا سلوك، خصوصا بعد ان أصبحت اجواء مختلف المؤسسات والمواقع الحساسة مشرعة امام انتهاكات هذا التحدي ” الطائر”.، فباتت المصالح المذكورة مطالبة بتركيز انظارها واهتماماتها على ما تزخر به سماء واجواء المدينة من تحديات قد تشكل خطرا على أمن وسلامة البلاد والعباد.
ساحة جامع الفنا المصنفة كثرات شفوي للانسانية من طرف منظمة اليونيسكو من حيث هي ملتقى للسياح والزوار على اختلاف اجناسهم ودياناتهم وبكل ما تمثله من إرث حضاري وثقافي ، والأسواق التاريخية المتفرعة عنها كسوق السمارين والرحبة القديمة ، وصولا الى سوق الخميس المحادي لمقر ولاية الجهة وولاية الامن، كلها فضاءات سجلت بها أحداثا مماثلة في مناسبات مختلفة، وانتهكت اجواؤها من طائرات متحكم بها عن بعد، وانتهت تحريات الأجهزة الامنية الى تحديد هوية المقترفين في سياح اجانب، كما كانت الدريعة جاهزة في كل مرة بكون المعنيين يجهلون خطورة ما يقدمون عليه، ليتم تسجيل هذه الاحداث في خانة” حسن النية” .
علما بان الامر لم يعد مقتصرا على المجال الحضري لمراكش ، بل امتد ليخترق اجواء الجماعات القروية المحيطة بالمدينة وكذا بأهم المنتجعات الطبيعية والسياحية المشهورة ، كما وقع خلال فبراير المنصرم حين استنفرت مصالح الدرك الملكي عناصرها بجماعة اسني اقليم الحوز لمطاردة ” طائرة ” درون” أطلقها سائح اجنبي لتحلق فوق موقع ” الرحى” ذو الرمزية الدينية بجماعة مولاي ابراهيم، ليتم حجز الجهاز والتحقيق مع المعني.
غير ان المحير في كل هذه الوقائع والاحداث ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو الطريقة التي يتم بها ادخال هذا النوع من الطائرات الى عمق التراب الوطني ، ويسمح بتخطيها كل الحدود في غفلة من كل الجهات والاجهزة الموكول اليها امر السهر على حماية الوطن والمواطنين من تسريب كل انواع الممنوعات ، فالقانون المغربي يلزم ويفرض تغطية استيراد الأجهزة الطائرة من دون طيار المدفوعة بمحرك والمتحكم فيها عن بعد، من قبيل طائرات من دون طيار وجميع النماذج المصغرة للطائرات برخص ، بهدف “التصدي للمخاطر الأمنية ،والمس بالملكية والحياة الخاصتين المرتبطتين باستعمال هذا النوع من الأجهزة والمعدات”، ودرءا لكل ما من شأنه المس بأمن وسلامة البلاد والعباد.