إدريس الأندلسي
يشتكي الكثيرون من مناورات سائقي الدراجات النارية لتوريطهم في حوادث سير خيالية. لا يمكن أن يمر يوم دون أن تكون حاضرا في مكان وقعت فيه حادثة سير أحد ضحاياها من سائقي الدراجات النارية. زادت حدة هذه الحوادث مع تطور خدمات توصيل الوجبات السريعة من طرف إحدى شركات التوصيل. يجب أن تصل الوجبة بسرعة و تحتفظ على درجة سخونتها. و لكن الأهم ليس هو حماية سائق الدراجة النارية التي يتم تسخيرها لقيام بتسجيل كل الأرقام القياسية في مغامرات قد تدخل السائق إلى المستعجلات الطبية أو إلى المقبرة.
تكاثر وجود الدراجات النارية في مدينة مراكش بشكل رهيب. أصبحت الدراجات الهوائية مجرد ذكرى جميلة في زمن كان جميلا. لا أدري لماذا نعتت هذه الدراجات بالنارية و لم تنعت بوصف آخر يعكس محركها أو سرعتها أو قدرتها على التهام المسافات في زمن قصير. لا يوجد عاقل يكره تطور وسائل النقل السريع في مدينة عرفت بكونها لا تحتوي على تضاريس صعبة تتسبب في إجهاد ممارس للمشي أو الجري أو مستعمل دراجة هوائية. رحب المراكشيون منذ عقود بدراجة ” صوليكس و الموبيليت الصفراء ثم الرمادية “، و لم يتصوروا أبدأ أن التكنولوجيا ستحول حياتهم إلى جحيم أمام ظهور ” وحوش ” نارية تسوقها كائنات تخيف السواح و الزوار و ساكنة المدينة.
لا توجد العلة في الدراجات النارية و لكن في سلوك مالكيها الذين تعودوا على غياب المراقبة و الغرامات التي تطبق على مخالفي قواعد السير المنصوص عليها في مدونة السير. و من هنا، و في ظل تزايد اخطار التعامل مع سائقي الدراجات النارية، أصبح سكان مراكش يرددون دعاء السفر بعد صلاة الفجر. و لأن الدعاء مرتبط بحجم الأخطار، تفتقت عبقرية أبناء البهجة على دعاء يحفظهم من سياقة انتحارية يقوم بها أغلب مستعملي الدراجات النارية. و لا أظن أن باقي سكان مدن البلاد لا يشاركونهم هذا الدعاء الخالص. ” اللهم إننا نسألك في سفرنا هذا عدم لقاءنا في طريقنا أصحاب الدراجات النارية. أللهم المهم قوة التمييز بين الضوء الأخضر و الأحمر. أللهم إجعل سياقتهم مقرونة بالتفكير فسي فلذات اكبادهم. أللهم زد في حماية سائقي السيارات من مخاطرات سائقي الدراجات النارية. أللهم ألهم وكالة ” نارسا ” لكي لا تلصق أسباب الحوادث لسائقي السيارات ولو تعرضوا لضربات من الخلف و من دراجات لم تحترم الضوء الأخضر و قانون الاسبقية لمن يوجد على اليمين أو لمن كانت له هذه الاسبقية في ملتقى طرق مجهز بإشارات على أولوية واجبة الإحترام. أللهم إجعل الأمن ذو حضور كبير عبر كثير من الكاميرات ليحمي من وجد في وضعية يتحتم فيها التدقيق في من تسبب في حادثة سير. و هنا وجب تغيير القانون الذي يحرم على المواطن تسجيل مخالفات مدونة السير. و يا ليت البرلمان يغير القواعد من أجل حماية الوطن و المواطنين.
أللهم خفف عنا صعوبات المشي داخل المدن العتيقة التي تتعرض لهجوم الدراجات النارية. أللهم خفف ضغط مستعملي هذه الدراجات على السياح و على مستنشقي هواء الأحياء القديمة و التاريخية في الرباط و مراكش و الدار البيضاء و فاس و مكناس و كافة المدن العتيقة. أللهم ادفع بتكثيف الحملات الاعلامية و الأمنية لحماية من يحترمون مدونة السير، و لا تجعل بعض المجرمين يستعملون الدراجات النارية لإيذاء الغير و التسبب في حوادث السير بنية إجرامية. أللهم إجعل مؤسسات حكامة تدبير السير متمكنة من الوسائل لضبط و زجر كل مخالف لقواعد السير. أللهم أعن سلطات مراقبة السير على قمع كل من يخالف القانون. و في الأخير وجب الدعاء على من لم يحترم مدونة السير و من لا يقوم بواجبه لحماية المواطنين من مجرمي الحرب على الطريق. صرخت إحدى السائحات الاجنبيات بعد مرور جنوني لسائق دراجة نارية في شارع القناصل بالرباط، و كاد أن يغمى عليها. تعالت أصوات تجار السجاد و منتوجات الصناعة التقليدية و استنكروا غياب مراقبة لقمع مجرمي السير على الطرق و لو كانت في قلب المدن العتيقة.