يعتبر دوركايم أحد الذين أعطو لعلم الاجتماع الكثير؛ لقد وضع الهيكلة العامة لهذا العلم؛ وأهم ما يميز الوضعية هو سعيها الى التميز بين العلم و الفلسفة واعتبار علم الاجتماع علما من العلوم الوضعية ؛ وهنا تكمن أصالةها الاساسية ؛لذلك نجد دوركايم قد حاول أن يفصل علم الاجتماع عن علم اللاهوت وعن الفلسفة أو السياسة ؛ لكنه انتهى الى قلب الاوضاع حيث وجد في علم الاجتماع التفسير الاخير لعلم اللاهوت .إن الوضعية في مفهومها العام هي ذلك الاتجاه الفكري الفلسفي الذي يرى أصحابه أن المعرفة الحقيقية هي تلك التي يتم تحقيقها بواسطة الملاحظة و التجربة الحسيين ؛ وفي المقابل ذلك يرفضون الميتافيزيقا على اعتبار أن الشروط التجريبية لا تتوفر في فروضها وهي بالتالي تنتمي غلى مرحلة تم تجاوزها.وقد سعى دوركايم لدراسة الظواهر الاجتماعية من خلال الاستعانة بالاسباب التي تعتبر حتمية أكثر منها فرضية ؛ وإذا كانت العلوم الطبيعية تتعامل مع الاشياء فان علم الا جتماع في نظر دوركايم ينبغي ألا يكون مستغنيا عن ذلك ؛ومن أكثر خصائص الاشياء أهمية في الوافع الخارجي أنها ليست عرضة لإرادتنا وأنها تقاوم محاولاتتنا الذاتية لتغيرها مبرهنة بذلك على أن وجودها يعد مستقلا عن افكارنا عنها ؛ولما كانت هذه الظواهر سابقة على الفرد في وجودها وكانت من انتاج المجتمع و تأسيسه وتنظيمه ؛ فيمكن أن نطلق عليها اسم المؤسسة أو النظام ؛ويقصد به جعله من الامور الاجتماعية التي ابتدعها المجتمع من عقائد و اساليب وقواليب تنظم سلوك الانسان وتكيفه وبهذا يصبح موضوع علم الاجتماع هو دراسة النظم أو المؤسسات الاجتماعية.
إن الظواهر الاجتماعية لا توجد بعيدا عن الافراد ولاتوجد في أي فرد ولكنها توجد في الافراد مجتمعين توحد فيما بينهم ؛ فعندما يشارك الافراد مع بعضهم في أفعال واحدة تنجون رموزا لغوية و معتقدات دينية وقواعد اخلاقية وقوانين تتميز بانها مشتركة بين معضم اعضاء مجتمع معين أو جمتعة بالذات ؛وبناء عليه ؛عندما يفكر الافراد أو يتصرفون طبق لهذه الافكار أو التمثلات المشتركة فهم لا يفعلون هذا بوصفهم افرادا منعزلين ولكن باعتبار أعضاء من كل ثقافي ..وأكثر من دلك فهم ينتجون في فعلهم هذا بناءا أو نمطا يمنح المجتمع الصائص المورفولوجية المميزة ؛ فالحياة الاجتماعية إذن عبارة عن تمثلات أي حالات للضمير الجمعي او الفعل الجمعي ؛وتتميز عن الوعي الفردي لاعضائها وتمثل بقوانين أخرى مختلفة.