نور الدين عقاني / برشيد
أصبح كل لاعبي العالم الذين تعدوا سن الثلاثين يحلمون بأن يخطب ناد سعودي ودهم و صار رجال أعمال أغلب اللاعبين المشهورين، الذين هم على أعتاب بوابة الإعتزال مهووسين بالبحث عن إمكانية إيجاد مكان لموكوليهم في القريب العاجل مادام الأمر متاحا و مادام أصحاب البترودولار فاتحين خزائن قارون على مصراعيه.
جنون و أي جنون تملك على غفلة رؤساء الأندية السعودية المشهورة هذه الأيام، فمنذ التعاقد مع كريستيانو رونالدو و هم يخططون لإستقطاب أقوى الأسماء الرنانة في أوروبا، أسماء لامعة جاءت لدوري روشن بمبالغ فلكية و أسماء أخرى في الطريق،أسماء سال لعابها للمال الوفير و فضلت تكملة مشوارها بدوري، مهما روجوا له، متواضع المستوى.
لا أعلم حقيقة السر وراء هدر هذا المال الخيالي بسهولة و لا أدري ماذا ستجني السعودية من وراء هذا الإسراف غير الشرعي لمال متحصل عليه من عائدات البترول و مردود مواسم الحج و العمرة.
السعودية تريد تسويق المنتوج الكروي لبلادها.
السعودية تهدف، بتجميع النجوم الى الترويج لملف احتضان كأس العالم.
السعودية تريد القضاء على سيطرة قطر و كسر شوكتها كرويا و تنظيميا و إعلاميا.
السعودية تريد تلميع صورة الملك سلمان القريشي السفاك.
السعودية تريد أن تكون قبلة للسياح من أجل الكرة و من أجل التمتع بكل المحرمات التي أباحتها فوق أراضيها.
السعودية تريد تحويل وجهة أنظار العالم نحوها لتحقيق حمق سياسي.
كل ما قدمته كفرضيات لا يلغي حقيقة أن السعودية ماضية فقط في تبذير الأموال ليس إلا و أعدكم أنه في مستقبل السنوات سيتضح الأمر جليا و سأذكركم.
لقد سبق نفس ما قامت به السعودية أن حصل في الولايات المتحدة الأمريكية أواسط السبعينات…لقد أراد ملاك الأندية هناك إنعاش الكرة و تسويقها على أعلى مستوى … استقطبوا هم أيضا نجوما شارفوا على الاعتزال: بيليه بكنباور نيسكنس بانكس شيناغليا كارلوس ألبيرتو كرويف فان دير ايلست اوزيبيو بيتيغا ريسبيرغن بيست مولر…انتدبوا كذلك نجوما يافعين من دول الجوار: أوسكار هوغو ويلسون سانشيز روميريتو أغويري كاباناس …
ألحقت كبريات الشركات العملاقة بالأندية، تجند الإعلام بكل أدرعه، تكاثرت شركات الإشهارات و الإعلانات، امتلأت الملاعب بالجماهير…و في الأخير عرفت البطولة إفلاسا خطيرا سبب توقيفها ثم إلغاءها إلى حين.
النموذج الرابح من مثل هذه العملية هو دولة اليابان، التي فكرت بأن ترفع من قيمة كرتها على صعيد المنتخب و على صعيد الأندية.
بعد مونديال إيطاليا 90 استقطبت الأندية المدعمة من كبريات الشركات نجوما شارفوا على الإعتزال أو نجوما في نصف الطريق: زيكو ليتبارسكي لينيكير سكيلاتشي ليوناردو دونغا غريماندي جورجينيو …
كان هؤلاء النجوم يقومون باللعب و أيضا بإعطاء دروس للناشئة في مختلف الفئات السنية لكل ناد ينتمون إليه…كان اللاعبون اليابانيون منضبطين و ملتزمين مع مدربيهم و مع بعضهم البعض…الملاعب جميلة و ممتلئة…الصحافة و الإعلام يشتغلون بأمانة و صدق…المال يصرف بترشيد كبير…كل شيء مضبوط.
كل هذا التنظيم أعطى ثماره على التو:
أفرزت البطولة لاعبين من مستوى كبير، شكلوا منتخبا قويا فاز بكأس آسيا 92 و 2000 و 2004 و 2011 من صفر لقب ، كل هذا بعد أن كانوا يأخذون علقات ساخنة فقط من منتخبات البحرين عمان الأردن الإمارات… حتى لا نذكر الأقوياء.
صارت الأندية قوية جدا مما أتيح لها التألق قاريا و عالميا كذلك…صار المنتخب الياباني ملازما لكؤوس العالم منذ مونديال 98… احترف أفضل اللاعبين بأوروبا كناكامورا و ناغاموتو و ناكاتا…
اليابان حققت هذا النجاح لأنها متقدمة جدا في كل الميادين و لأنها لا تبذر ،فهي تعرف كيف و أين تصرف المال.
أما أهل قريش فيبحثون منذ مدة على غضب من الله و إنني لأراه وشيكا كي ينصف الضعفاء منهم: علماء و شيوخ و معارضين و حتى الرعية المغلوبة. آه لك يوم يا سلمان.