إدريس بوطور
تعتبر الطبيعة البرية الصحراوية رحما ولادة للعديد من الأقوال والأمثال السائرة العربية ، يتم من خلالها توظيف تفاعل الإنسان مع حيواناتها ونباتاتها وطقوسها ، ومن بين هذه الأمثال قول عربي قديم ووجيز هو : (دونه خرط القتاد ). قبل ذكر مغزى هذا المثل لا بد من شرح مبسط لمكوناته اللغوية : (دونه ) تعني أقل منه ،(خرط) الخرط بفتح الخاء وسكون الراء هو إزالة أوراق الشجر بالكفين من أعلى الى اسفل دون انتزاع الأغصان ، (القتاد)بفتح القاف صنف من الأشجار المتوافقة مع الطبيعة الصحراوية،له أوراق شائكة ، كان العرب يستعينون بها لتوفير علف الإبل في الفصول الجافة والمجدبة ،لأن هذا الصنف من الشجر بالاضافة الى صموده امام قساوة الطبيعة ، فإن تناول الإبل لأوراقه الشائكة يزيد من در الحليب لدى النياق ، ويقوي متانتها وصبرها . إذن (خرط القتاد)هو إزالة الأوراق الشائكة بالكفين عندما تكون يانعة قبل جفافها وذلك لاعتبارات بيولوجية تهم هذا النوع من النبات للحفاظ على استمرارية توالده واستخلاف فروعه وأفنانه . ما سلف كان توضيحا مبسطا لكلمات المثل ، فما هو المغزى الذي أرادت العرب الوصول اليه من خلال جعل هذا القول مثلا سائرا ؟ ** إن خرط القتاد بالكفين عملية صعبة لأن الأوراق شائكة ، فالأمر يتطلب صبرا وكفين متمرستين . من هذا المعطى أطلق العرب هذا المثل للتعبير عن صعوبة أو استحالة أمر ما ، فيقولون (دونه خرط القتاد) ، أي أن عملية خرط الشوك بالكفين أقل صعوبة وكلفة من هذا الامر، الذي لا يمكن تحقيقه إلا بمشقة ولأي عظيمين ، وقد يستحيل نيله ** وقاني الله وإياكم من نوائب الزمن وصروف المحن ،وذلل لي ولكم كل الصعاب ما ظهر منها وما بطن إنه سميع مجيب /